سَعـْدٌ وَالسَّمَكَةُ
فِى يَوْمٍ مِنَ الأَّيَّامِ رَأَى سَعْدٌ جَارَهُ عَائِداً مِنَ الْبَحْرِ ، وَكَانَ يَـحْمِلُ حَقِيبَتَهُ ، وَفِيهَا سَمَكٌ كَثِيرٌ ، وَبِيَـدِهِ عَصَاهُ ، وَبِهَا صِنَّارَةٌ ؛ فَأُعْجِبَ بِهَا سَعْدٌ ، وَفَكَّرَ ؛ فَاشْتَرَى صِنَّارَةً ، وَرَبَطَهَا فِى خَيْطٍ ، وَرَبَطَ الْخَيْطَ فِى عَصَاهُ
فِى الضُّحَى خَرَجَ سَعْدٌ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى الْبَحْرِ ، وَكَانَ يَحْمِلُ صِنَّارَتَهُ ، وَمَعَهُ حَقِيبَةٌ ، وَفِيهَا بَعْضُ الْخُبْزِ .. وَوَصَلَ سَعْدٌ إِلَى الْبَحْرِ ، وَرَأَى صَخْرَةً عَلَى الشَّاطِئِ ؛ فَقَعَد عَلَيْهَا ، وَوَضَعَ قِطْعَةً مِنَ الْخُبْزِ فِى الصِّنَّارَةِ ، وَرَمَى بِالصِّنَّارَةِ فِى الْمَاءِ ، وَانْتَظَرَ كَثِيراً ؛ فَلَمْ يَرَ شَيْئاً .
انْتَظَرَ سَعْدٌ كَثِيراً مَرَّةً أُخْرَى ؛ فَلَمْ تَهْتَزَّ الْعَصَا فِى يَدِهِ ، وَرَفَعَهَا ، وَنَظَرَ إِلَى الصِّنَّارَةِ ؛ فَلَمْ يَرَ شَيْئاً ، فَقَالَ : لَقَدْ خَدَعَتْنِى السَّمَكَةُ .. وَوَضَعَ قِطْعَةً ثَانِيَةً ، ثُمَّ ثَالِثَةً ، وَفِى كُلِّ مَرَّةٍ كَانَ يَنْتَظِرُ كَثِيراً حَتَّى فَنِىَ مَا مَعَهُ مِنَ الْخُبْزِ؛ فلَمْ يَصِدْ شَيْئاً ، وَنَدِمَ سَعْدٌ عَلَى مَا حَدَثَ ، وَقَالَ : أَنَا أَخْطَأَتُ ؛ لأَنَّنِى لَمْ أَتَعَلَّمْ كيف أَضَعُ الطُّعم للسَّمَكِ ، وَلَمْ اسْتَشَرْ جَارِىَ صَيَّادَ السَّمَكِ .
كَانَ سَعْدٌ مَا يَزَالُ قَاعِداً فَوْقَ الصَّخْرَةِ ، يَنْظُرُ إِلَى الْمَاءت وفَجْأَةً رَأَى السَّمَكَ الصَّغِيرَ يَقْتَرِبُ مِنَ الصَّخْرَةِ الَّتِى يَقْعُدُ عَلَيْهَا ، ثُمَّ يَعُودُ مَرَّةً أُخْرَى ، فَيَبْتَعِدُ عَنْهَا ، وَيَخْتَفِى ، وَأَخَذَ سَعْدٌ يَتَأَمَّلُهُ ؛ فَرَآهُ يَظْهَرُ ، وَيَخْتَفِى، وَيَذْهَبُ ، وَيَعُودُ فِى أَعْدَادٍ كَبِيرَةِ ، وَسَأَلَ سَعْدٌ نَفْسَهُ : لِمَاذَا يَقْتَرِبُ السَّمَكُ الصَّغِيرُ مِنَ الصَّخْرَةِ ، وَيَبْتَعِدُ عَنْهَا ؟ أَيُرِيدُ شَيْئاً يَأْكُلَهُ ؟
فَجْأَةً رَأَى سَعْدٌ سَمَكَةً كَبِيرةً تُطَارِدُ السَّمَكَ الصَّغِيرَ ؛ فَسَارَعَ إِلَيْهَا ، وَخَاضَ الْمَاءَ ، وَحَاوَلَ أَنْ يُمْسِكَ بِالسَّمَكَةِ الْكَبِيرَةِ ، وَلَكِنَّهَا هَرَبَتْ مِنْهُ ، وَأَمْسَكَ بِسَمَكَةٍ صَغِيرَةٍ ، وَكَانَتْ جَمِيلَةً ، وَرَآهَا تَتَحَرَّكُ ، وَبَعْدَ لَحْظَةٍ سَكَنَتْ ؛ فَإِذَا هِىَ قَدْ مَاتَتْ .
تَأَمَّلَ سَعْدٌ السَّمَكَةَ الَّتِى فِى يَدِهِ ، وَفَكَّرَ أَنْ يَرْمِىَ بِهَا إِلَى الْمَاءِ ، وَلَكِنَّهُ قَالَ : لَنْ أَرْمِىَ بِهَا إِلَى السَّمَكَةِ الْكَبِيرَةِ الَّتِى خَدَعَتْنِى ؛ فَهِى الَّتِى كَانَتْ تَهْجُمُ عَلَى السَّمَكِ الصَّغِيرِ ؛ لِتَصِيدَهُ ، وَلِمَاذَا لاَ أَضَعُ هَذِهِ السَّمَكَةَ فِى الصِّنَّارَةِ ، وَأَجَعَلُهَا طُعْماً ؟
وَضَعَ سَعْدٌ السَّمَكَةَ الصَّغِيرَةَ فِى الصِّنَّارَةِ ، وَرَمَى بِالصِّنَّارَةِ فِى الْمَاءِ ، وَأَمْسَكَ بِالْعَصَا ، وَقَعَدَ عَلَى الصَّخْرَةِ ، وَانْتَظَرَ ، وَفَجْأَةً اهْتَزَّتِ الْعَصَا فِى يَدِهِ ؛ فَوَقَفَ ، وَرَفَعَ الْعَصَا إِلَى فَوْقٍ ؛ فَرَأَى السَّمَكَةَ الْكبِيرَةَ تَتَحَرَّكُ ، فأَمْسَك بها وَوْضَعَهَا فِى حَقِيبَتِهِ ، وَفَرِحَ بِهَا وَآلَمَتْهُ كَثِيراً حَرَارَةُ الشَّمْسِ ، فَقَدْ كَانَتِ الشَّمْسُ قَدْ تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ ، وَتَرَكَ الصَّخْرَةَ الَّتِى كَانَ يَقْعُدُ عَلَيْهَا ، وَحَمَلَ حَقِيبَتَهُ ، وَعَصَاهُ ، وَصِنَّارَتَهُ ، وَكَانَ يُغَنِّى فِى طَرِيقِهِ ، ثُمَّ تَوَقَّفَ عَنِ الْغِنَاءِ ، وَابْتَسَمَ ، وَقَالَ لنَفْسِهِ : لَقَدْ تَعَلَّمْتُ كَيْفَ أَصِيدُ السَّمَكَ ، وَلَوْلاَ الانْتِظَارُ ، وَالصَّبْرُ ، وَالتَّفْكِيرُ ، والتَّأَمُّلُ لَمَا تَعَلَّمْتُ صَيْدَ السَّمَكِ .. وَأَنَا فَرِحْتُ بِالسَّمَكَةِ الَّتِى صِدْتُهَا ، وَفَرِحْتُ كَثِيراً كَثِيراً بِتَعَلُّمِى صَيْدَ السَّمَكِ ، وَسَوْفَ أَعُودُ – إِنْ شَاءَ اللَّهُ – غَدًا ؛ لأَصِيدَ سَمَكاً كَثِيراً .. وَلَكِنْ بَعْدَ أَنْ أَسْأَلَ جَارِىَ عَنْ طُعْمِ السَّمَكِ .
مَقَايِيسُ الاسْتِيعَابِ :
1- الصَّخْرَةُ :
حَجَرٌ صُلْبٌ صَغِيرٌ
حَجَرٌ صُلْبٌ كَبِيرٌ
2- الشَّاطِئُ :
الأَرْضُ الْبَعِيدَةُ عَنِ الْمَاءِ
الأَرْضُ الْقَرِيبَةُ مِنَ الْمَاءِ
3- خَدَعَتْنِى السَّمَكَةُ :
أَرَادَتْ بِى الْمَكْرُوهَ ،
وَأَنَا أَعْلَمُ
أَرَادَتْ بِى الْمَكْرُوهَ ،
وَأَنَا لاَ أَعْلَمُ
4- فَنِىَ الْخُبْزُ :
بَقِىَ مِنْهُ شَىْءٌ
لَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَىْءٌ
5- اسْتَشَرْتُ جَارِى
طَلَبْتُ مُسَاعَدَتَهُ بِقُوَّتِهِ
طَلَبْتُ مُسَاعَدَتَهُ بِرَأْيِهِ
6- احْتَمَلَ سَعْدٌ حَرَارَةَ الشَّمْسِ :
تَضَايَقَ مِنْهَا ، وَتَرَكَهَا
صَبَرَ عَلَيْهَا ، وَبَقِىَ فِيهَا
7- كَانَتْ تُطَارِدُ السَّمَكَ :
تَجَرِى وَرَاءَهُ ؛ لِتَلْعَبَ مَعَهُ
تَجْرِى وَرَاءَهُ ؛ لِتُخِيفَهُ
8-الطُّعْمُ :
كُلُّ مَا يَأْكُلُهُ السَّمَكُ
كُلُّ مَا يُصَادُ بِهِ مِنْ طَعَامٍ
9- تَفَلَّتَتِ السَّمَكَةُ :
خَلَّصَتْ نَفَسَهَا مِنْهُ
رَمَى سَعْدٌ بِهَا
10-مَنْ يُفَكِّرْ يَطْلُبْ رَأَىَ نَفْسِهِ .
11-مَنْ يَسْتَشِرْ يَطْلُبْ رَأَى غَيْرِهِ .
12-تَعَلَّمَ سَعْدٌ صَيْدَ السَّمَكِ :
مِنْ أَخِيهِ
مِنْ النَّظَرِ ، وَالتَّفَكُّرِ
13- أَخْطَأَ سَعْدٌ فِى الْبِدَايَةِ
لأَنَّهُ لَمْ يَسْتَشِرْ جَارَهُ .
اسْتَشَارَ جَارَهُ
14- مَنْ يَخْدَعْكَ يُوقِعْكَ فِى
الشَّرِّ :
وَأَنْتَ تَدْرِى .
وَأَنْتَ تَدْرِى .
15- أُصَاحِبُ مَنْ يَخْدَعُنِى .
16-إِذَا فَشِلْتُ فِى عَمَلٍ :
غَضِبْتُ عَلَيْهِ ، وَتَرَكْتُهُ
صَبَرْتُ عَلَيْهِ ، وَفَكَّرْتُ فِيهُِ