11- الكتكوت العنيد

 

الْكَتْكـُوتُ الْعَنِيـدُ

   كَانَتِ الْكَتَاكِيتُ تَعِيشُ فِى قَفَصٍ ؛ فِيهِ تَأْكُلُ الطَّعَامَ ، وَفِيهِ تَشْرَبُ الْمَاءَ ، وَفِيهِ تَلْعَبُ .. وَالْكَتَاكِيتُ تَصِيحُ كَثِيراً : ” صَوْ ، صَوْ ، صَوْ ” ؛  تَصِيحُ حِينَ تَجُوعُ ، وَحِينَ تَشْبَعُ ، وَتَصِيحُ حِينَ تَعْطَشُ ، وَحِينَ تَرْتَوَىِ مِنَ الْمَاءِ ، وَتَصِيحُ حِينَ تَلْعَبُ ، وَحِينَ تَسْتَرِيحُ مِنَ اللَّعِبِ ؛ فَهِى لاَ تَكُفُّ عَنِ الصِّيَاحِ طَوَالَ النَّهَارِ .. أَمَّا فِى اللَّيْلِ فَهِى تَحْلُمُ بِالصِّياحِ .

 وَحِيْنَمَا كَانَتِ الْكَتَاكِيتُ تَصِيحُ ، وَتَصِيحُ تَوَقَّفَ الْكَتْكُوتُ الْكَبِيرُ عَنِ الصِّيـَاحِ ؛ لأَنَّهُ أَخَذَ يُفَكِّرُ فِى الْخُرُوجِ مِنَ الْقَفَصِ ، وَيَنْظُرُ إِلَى فَتَحَاتِهِ الْكَثِيرَةِ ، وَبَدَأَ يُجَرِّبُ ؛ فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ فِى فَتْحَةٍ ، وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا ، وَأَدْخَلَهُ فِى أُخْرَى ، وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا ، وَأَخِيْراً أَدْخَلَ رَأْسَهُ فِى فَتْحَةٍ كَبِيرَةٍ ، وَشَدَّ جِسْمَهُ ؛ فَخَرَجَ مِنَ الْقَفَصِ ، وَظَلَّ يَصِيحُ :” صَوْ ، صَوْ ، صَوْ ” أَنَا بَطَلٌ ، أَنَا قَوِىٌّ .

 رَأَتِ الْكَتَاكِيتُ الْكَتْكُـوتَ الْكَبِيرَ ، وَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْقَفَصِ ؛ فَصَاحَتْ بِهِ : هَيَّا  عُدْ إِلَى الْقَفَصِ ، وَانْظُرْ إِلَى الْكَلْبِ ، إِنَّهُ قَادِمٌ نَحْوَكَ ، فَسَأَلَهَا : أَيْنَ هُوَ ؟ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ الْكَتَاكِيتُ ؛ فَالْتَفَتَ بِوَجْهِهِ  إِلَى الْكَلْبِ ، فَلَمْ يَخَفْ مِنْهُ ، فَسَأَلْتُهُ الْكَتَاكِيتُ :  أَلاَ تَخَافُ مِنَ الْكَلْبِ ؟ فَأَجَابَ : نَعَمْ ، لاَ أَخَافُ مِنَ الْكَلْبِ ؛ فَأَنَا قَوِىٌّ ، فَنَصَحَتْهُ الْكَتَاكِيتُ : عُدْ إِلَى الْقَفَصِ ، وَلاَ تَغْتَرَّ بِقُوَّتِكَ .. فَاغْتَرَّ الْكَتْكُـوتُ الْكَبِيرُ بِقُوَّتِهِ ؛ فَلَمْ  يَعُدْ إِلَى الْقَفَصِ .

اقْتَرَبَ الْكَلْبُ مِنَ الْكَتْكُوتِ ، وسَأَلَهُ الْكَتْكُوتُ : أَتُصَادِقُنِى أَيُّهَا الْكَلْبُ ؟  فَحَمْلَقَ إِلَيْهِ الْكَلْبُ ، وَأَجَابَ : لاَ ، لَنْ أُصَادِقَكَ ؛ فَتَعَجَبَ مِنْهُ الْكَتْكُوتُ ، وَسَأَلهُ : لِمَاذَا ؟ فَأَجَابَ الْكَلْبُ : لأَنَّنِى لاَ أَنْفَعُكَ ، بَلْ أَضُرُّكَ ، وَسَأَلَهُ الْكَتْكُوتُ : كَيْفَ تَضُرُّنىِ ؟ فَأَجَابَهُ الْكَلْبُ : أَفْتَرِسُكَ ؛ فَخَافَ مِنْهُ ، وَتَرَجَّاهُ قَائِلاً : أَرْجُوكَ أَلاَّ تَفْتَرِسَنِى ؛ فَجِسْمِى صَغِيرٌ ، وَلَحْمِى قَلِيلٌ ؛ لاَ يُشْبِعُ ، وَلاَ يُسْمِنُ ، وَلاَ يُغْنِى مَنْ جُوعٍ .. وَلَكِنْ هَيَّا نَلْعَبْ مَعًا .

 ابْتَسَمَ الْكَلْبُ ، وَتَعَجَّبَ مِنَ الْكَتْكُوتِ ، وَقَرَّبَ فَمَهُ مِنْهُ ، وَسَأَلَهُ : كَيْفَ أَلْعَبُ مَعَكَ . وَفَجْأَةً صَاحَ الْكَتْكـُوتُ فِى أُذُنِ الْكَـلْبِ : ” صَوْ ، صَوْ ، صَوْ ” ؛ فَفَزِعَ مِنْهُ الْكَلْبُ ، وَنَبَحَهُ : ” هَوْ ،  هَوْ ، هَوْ ” ؛ فَفَزِعَ الْكَتْكُوتُ  وَقَفَزَ مِنَ الْخَوْفِ ؛ فَوَقَعَ عَلَى الأَرْضِ ، وَانْكَبَّ لِوَجْهِهِ ، وَهَوَ يَصِيحُ : ” صَوْ ، صَوْ ، صَوْ ” . وَبَعْدَ وَقْتٍ اسْتَطَاعَ الْكَتْكُوتُ أَنْ يَقِفَ ، وَقَدْ ارْتَعَشَتْ رِجْلاَهُ ، وَأَخَذَ يَصِيحُ ؛ فَضَحِكَ مِنْهُ الْكَلْبُ ، وَقَالَ : الآنَ عَرَفْتُ كَيْفَ أَلْعَبُ مَعَكَ ، وَكَيْفَ أَضْحَكُ مِنْكَ .

أَخَذَ الْكَلْب يَنْبَحُ الْكَتْكُوتَ : ” هَوْ ، هَوْ ، هَوْ ” ، ثُمَّ تَوَقَّفَ عَنِ النُّبَاحِ ، وَضَحِكَ .. وَظَلَّ الْكَتْكُوتُ يَقْفِزُ خَائِفاً ، وَيَقَعُ عَلَى الأَرْضِ فَازِعاً ، وَيُحَاوِلُ أَنْ يَقِفَ ؛ فَيَقِفَ مُرْتَعِشاً ، وَهَوَ يَصِيحُ : ” صَوْ ، صَوْ ، صَوْ ” .. فَنَظَرَتِ الْكَتَاكِيتُ إِلَيْهِ ، وَأَشْفَقَتْ عَلَيْهِ ؛ فَكَفَّتْ  عَنِ الصِّيَاحِ .

كَانَتْ صَاحِبَةُ الْكَتَاكِيتِ قَدْ سَمِعْتْ نُبَاحَ الْكَلْبِ، وَسَمِعْتْ صِياحَ الْكَتَاكِيتِ ؛ فَاتَّجَهَتْ نَحْوَ الأَصَوْاتِ ، وَجَرَتْ ، وَأْسْرَعَتْ فِى جَرْيِهَا ، وَفِى يَدِهَا الْعَصَا الْكَبِيرَةُ .. وَحِينَمَا لَمَحَهَا الْكَلْبُ خَافَ وَهَرَبَ مِنْهَا ، وَتَرَكَ الْكَتْكُوتَ ..  وَلَمْ يَفْتَرِسْهُ .

سَكَتَتِ الْكَتَاكِيتُ عَنِ الصِّيَاحِ ، وَرَأَتْ صَاحِبَةُ  الْبَيْتِ الْكَتْكُوتَ يُحَاوِلُ الوُقُوفَ ؛ فَلاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ ، فَمَسَحَتْ عَلَى ظَهْرِهِ ، ثُمَّ قَالَتْ لَهُ : قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ؛ فَقَدْ هَرَبَ الْكَلْبُ ، وَنَجَوْتَ مِنَ الْمَوْتِ .

    اطْمَأَنَّ الْكَتْكُوتُ إِلَى مَا بُشِّرَ بِهِ ، وبِهِ سُرَّ كَثِيراً ؛ فَتَبَسَّمَ ، وَتَوَقَّفَتْ رِجْلاَهُ عَنِ الارْتِعَاشِ .. وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُفَّ عَنِ الصِّيَاحِ ، بَلْ قَلَّلَ مِنْ صِياحِهِ ؛ لِئَلا يَسْمعه الكَلْبُ فيعودُ مَرَّة أخْرى .وقَال لنْ أخْرجَ مِن القَفَصِ وحْدِى بَعد ذَلِك .

مَقَايِيسُ الاسْتِيعَابِ :

1- تَحْلُمُ الْكَتَاكِيتُ بِالصِّيَاحِ :

     تَرَى ذَلِكَ فِى يَقَظَتِهَا

     تَرَى ذَلِكَ فِى نَوْمِهَا

2-اغْتَرَّ الْكَتْكُوتُ بِقُوَّتِهِ :

  انْتَبَهَ لِمَا حَوْلهُ

  غَفَلَ عَمَّا حَوْلَه بِسَبَبِ قُوَتِّهِ

3-الْكَتْكُوتُ الْعَنِيدُ :

  الْمُطِيعُ

  الْمُعْجَبُ بِمَا عِنْدَهُ

4-الْكَتْكُوتُ الْمُعَانِدُ :

 الَّذِى يَفْتَخِرُ بِقُوَّتِهِ

 الَّذِى لاَ يَتَبَاهَى بِمَا عِنْدَهُ

5-أَنَا أَفْتَرِسُكَ :

  أَصِيدُكَ

  أَصِيدُكَ ، وَأَقْتُلُكَ

6- ارْتَعَشَتْ رِجْلاَهُ :

    حَرَّكَهَا بِنَفْسِهِ

    تَحَرَّكَتْ بِغَيْرِ إِرَادَتِهِ

7-كَفَّتِ الْكَتَاكِيتُ عَنِ الصِّيَاحِ :

    اسْتَمَرَّتْ فِيهِ

    امْتَنَعَتْ مِنْهُ ، وَتَوَقَّفَتْ