الْمِعْـزَاةُ الثَّـرْثَارَةُ
كـَانَتِ الْغَنَمُ تَرْعَى فِى الْمَزْرَعَةِ ، وَكَانَ رَاعِيهَا يَحْمِلُ عَصَاهُ ، وَيَقِفُ قَرِيباً مِنْهَا ؛ لِيَحْرُسَهَا مِنَ الذِّئْبِ ، وَكَانَتِ النَّبَاتَاتُ الَّتِى تَرْعَاهَا الْغَنَمُ خَضْرَاءَ ، وَطَرِيَّةً . وَكَانَتْ هُنَاكَ غَزَالَةٌ تَقِفُ بَعِيداً عَنِ الْمَزْرَعَةِ ، وَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَقْتَرِبَ مِنَ الْمَزْرَعَةِ ؛ لأَنَّهَا خَائِفَةٌ مِنَ الرَّاعِـى .
رَأَى الرَّاعِى غَنَمَهُ تَرْعَى النَّبَاتَاتِ الْخَضْرَاءَ ؛ وَمَعَهَا الْمِعْزَاةُ الْكَبِيرَةُ ؛ فَاطْمَأَنَّ إِلَيْهَا . فَحَمَلَ عَصَاهُ ، وَدَخَلَ خَيْمَتَهُ ؛ ليَسْتَرِيحَ فِى ظِلِّهَا مِنْ حَرَارَةِ الشَّمْسِ ؛ فَرَأَتْهُ الْغَزَالَةُ ، وَاقْتَرَبَتْ مِنَ الْغَنَمِ ، وَقَبْلَ أَنْ تَقُولَ الْغَزَالَةُ : سَلاَمُ اللَّهِ عَلَيْكِ – مَأْمَأَتِ الْمِعْزَاةُ : ” مِئْ ، مِئْ ” ؛ فَفَزِعَتْ مِنْهَا الْغَزَالَةُ ، وَهَرَبَتْ
تَنَبّـَهَ الرَّاعِى لِمَا سَمِعَهُ ؛ فَخَرَجَ مِنْ خَيْمَتِهِ ، وَهُوَ يَحْمِلُ عَصَاهُ ، وَجَرَى نَحْوَ غَنَمِهِ ؛ فَلَمْ يَرَ شَيْئاً ، وَظَنَّ أَنَّ الذِّئْبَ قَدْ حَاوَلَ أَنْ يَخْتَطِفَ حَمَلاً ، أَوَ سَخْلَةً ؛ فَانْزَعَجَتِ الْمِعْزَى ، وَالنِّعَاجُ ، وَالْخِرْفَاِنُ مِمَّا فَعَلَتْهُ الْمِعْزَاةُ ، وَلمْ تُعْجِبْهَا مَأْمَأَتُهَا ، وَسَأَلَتْهَا نَعْجَةٌ كَبِيرَةُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ الرَّاعِى إِلَى الْغَنَمِ : لِمَ مَأْمَأْتِ ؟ فَأَجَابَتْ : هَذَا عَمَلِى ، فَأَنَا أُخَبِّرُ الرَّاعِى بِمَا يَحْدُثُ حِينَ يَكُونُ فِى خَيْمَتِهِ .
زَعِلَ الْخَرُوفُ الْكَبِيرُ مِنَ الْمِعْزَاةِ ، وَقَالَ لَهَا : أَلاَ تَشْبَعِينَ مِنَ الرَّعْىِ ؟ وَعَرَفَ أَنَّهَا سَتُخَبِّرُ الرَّاعِى بِالْغَزَالَةِ ؛ فَنَطَحَهَا ؛ لِيَجْعَلَهَا تَنْشَغِلُ بِنَفْسِهَا عَنْ حِكَايَةِ الْغَزَالَةِ .. فَتَشْكُوهُ إِلَى الرَّاعِى ، وَتنْسَى حِكَايَةَ الْغَزَالَةِ ؛ فَمَأْمَأَتْ ، وَعَادَ إِلَيْهَا ؛ فَنَطَحَهَا مَرَّةً أُخْرَى . وَظَلَّتْ تُمَأْمِئُ ، وَتَبْكَى ، وَنَسِيَتْ حِكَايَةَ الْغَزَالَةِ .
كَانَ الرَّاعِى قَدِ اقْتَرَبَ مِنَ الْغَنَمِ ، وَانْتَبَهَ لِلْمِعْزَاةِ ، وَهِىَ تُمَأْمِئُ . وَرَأَى الْخَرُوفَ يَنْطَحُهَا ؛ فَمَنَعَ الْخَرُوفَ مِنْ نَطْحِهَا . وَانْتَظَرَتْ أَنْ يَسْأَلَهَا عَنْ حَالِهَا ؛ فَلَمْ يَسْأْلْهَا ، وَاشْتَكَتْ إِلَيْهِ ؛ فَلَمْ يَسْتَمِعْ لِشَكْوَاهَا جَيِّداً ، وَلاَ أَنْصَتَ لَهَا ، بَلْ قَالَ لَهَا : أَنْتِ مُزْعِجَةٌ ، وَمُتْعِبَةٌ ، وَثَرْثَارَةٌ ، وَلاَ تَشْبَعِينَ مِنَ الرَّعْىِ، وَكَثِيراً مَا قُلْتُ لَكِ :لاَ تُمَأْمِئُى إِلاَّ إِذَا رَأَيْتِ الذِّئْبَ ، أَفَهِمْتِ ؟ وَقَبْلَ أَنْ تَتَكَلَّمَ الْمِعْزَاةُ ؛ لِتَشْكُوَ الْخَرُوفَ مَرَّةً أُخْرَى – كَانَ الرَّاعِى قَدْ ضَرَبَهَا بِعَصَاهُ ضَرْبَةً وَاحِدَةً ، وَانْصَرَفَ عَنْهَا إِلَى خَيْمَتِه ؛ فَابْتَسَمَ الْخَرُوفُ ؛ فَقَدْ نَجَحَتْ خُطَّتُهُ .
أَخَذَتِ الْغَنَمُ فِى الرَّعْىِ ، وَنَسِيَتِ الْغَزَالَةَ ، وَلَمْ تَلْتَفِتْ إِلَيْهَا ، وَفَجْأَةً تَنَبَّهَتِ النَّعْجَةُ الْكَبِيرَةُ لِلْمِعْزَاةِ ؛ فَرَأَتْهَا لاَ تَرْعَى . وَإِذَا هِىَ تَنْظُرُ إِلَى شَىْءٍ بَعِيدٍ ؛ فَنَظَرَت إِلَيْهِ ، فَرَأَتِ الْغَزَالَةَ .. فَهَمَسَتْ بِكَلاَمٍ إِلَى الْمِعْزَاةِ : أَرْجُوكِ ، لاَ تُمَأْمِئِى ؛ فَالْغَزَالَةُ مِسْكِينَةٌ ، وَجَوْعَى ، وَهِىَ أُخْتُنَـا .
تَنَبـَّهَ الْخَرُوفَ لِلْنَّعْجَةِ ، وَاسْتَمَعَ لِماَ هَمَسَتْ بِهِ إِلَى الْمِعْزَاةِ ؛ فَحَمْلَقَ إِلَيْهَا ، وَهَدَّدَهَا ، وَوَقَفَ عَلَى رِجْلَيْهِ الْخَلْفَيَّتَيْنِ ، وَاسْتَعَدَّ لِنَطْحِهَا ؛ فَخَافَتْ الْمِعْزَاةُ مِنْهُ ، وَفَهِمَتْ مَا يُرِيدُهُ مِنْهَا ؛ فَعَادَتْ إِلَى الرَّعْىِ ، وَتَرَاجَعَ عَنْهَا ، وَلَمْ يَنْطَحْهَا .. فَقَدْ فَهِمَتْ مَا يُرَادُ مِنْهَا ؛ فَالْتَزَمَتِ السُّكُوتَ .
اقْتَرَبَتِ الْغَزَالَةُ قَلِيلاً مِنَ الْغَنَمِ ، وَقَالَتْ : السَلاَمُ عَلَيْكُم ؛ فَرَدَّتِ النَّعْجَةُ الْكَبِيرَةُ ، وَقَالَتْ : وَعَلَيْكِ السَّلامُ ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ ، وَبَرَكَاتُهُ .. وَاسْتَأْذَنَتِ الْغَزَالَةُ الْغَنَمَ فِى رَعْىِ النَّبَاتَاتِ الْخَضْرَاءِ ، فَأَذِنَتْ لَهَا النَّعْجَةُ الْكَبِيرَةُ ، وَقَالَتْ : تَعَالَىْ ، تَفَضَّلِى ، وَارْعَىْ وَسْطَنَا ؛ فَأَنْتِ أُخْتُنـَا .
اقْتَرَبَتِ الْغَزَالَةُ مِنَ الْغَنَمِ كَثِيراً ، وَأَبْدَتْ مَخَاوِفَهَا ؛ فَقَالَتْ : أَنَا أَخَافُ مِنَ الرَّاعِى ، وَأَخَافَ مِنْ عَصَاهُ ، فَقَالَتْ لَهَا النَّعْجَةُ : الرَّاعِى رَجُلٌ طَيِّبٌ ، وَلَوْ رَعَيْتِ وَسْطَنَا لَمَا عَرَفَكِ ، وَعَصَاهُ لاَ يَضْرِبُ بِهَا إِلاَّ الذِّئْبَ .. فَقَالَتِ الْغَـزَالَةُ : وَأَخَافُ مِنْ هَذِهِ الْمِعْزَاةِ ، فَقَالَتِ النَّعْجَةُ : لاَ تَخَافِى مِنْهَا؛ فَقَدْ أَدَّبَهَـا الْخَرُوفُ ، وَعَاقَبَهَا بِمَا فَعَلَتْهُ بِكِ ، وَهَدَّدَهَا ؛ فَالْتَزَمَتِ السُّكُوتَ ، وَلَنْ تَعُودَ إِلَى الْمَأْمَأَةِ ، وَلاَ إِلَى الثَّرْثَرَةِ .
صَدَّقَتِ الْغَزَالَةُ النَّعْجَةَ ، وَاطْمَأَنَّتِ إِلَيْهَا قَلِيلاً ، وَأَخَذَتْ فِى الرَّعْىِ وَسْطَ الْغَنَمِ ، وَأَعْجبَتْهَا النَّبَاتَاتُ الْخَضْرَاءُ ؛ فَكَانَتْ تَرْعَى ، وَتَرْفَعُ رَأْسَهَا .. فَتَارَةً تَنْظُرُ إِلَى خَيْمَةِ الرَّاعِى ؛ لِتَأْخُذَ حِذْرَهَا مِنْهُ ، وَتَارَةً أُخْرَى تَنْظُرُ إِلَى الْمِعْزَاةِ الثَّرْثَارَةِ ؛ لِتَطْمَئِنَّ إِلَى أَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى عَهْدِهَا ، وَأَنَّهَا لَنْ تُغَيِّرَ رَأْيَهَـا ، فأَكلتْ الغزالةُ حتى شَبعت ثم شكرت الغَنَمَ على حُسْن صَنيِعَهم ثم انصرفت بعيدا حتى لا يَرَاها الرَاعِى .
مَقَايِيسُ الاسْتِيعَابِ :
1- لَمَحَتْهَا الْغَنَمُ :
نَظَرَت إِلَيْهَا فِى ثَوَانٍ
نَظَرَتْ إِلَيْهَا فِى دَقَائِقَ
2-الْحَمَلُ :
عُمرُهُ أَقَلُّ مِنْ عَامٍ
عُمُرُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَامٍ
3-السَّخْلَةُ :
أَصْغَرُ مِنَ الْحَمَلِ
أكْبَرُ مِنَ الْخَرُوفِ
4-الْمِعْزَاةُ تَشْكُوهُ إِلَى الرَّاعِى :
تُخْفِى مَا حَدَثَ
تُظْهِرُ مَا حَدَثَ مُتَوَجِّعَةً
5-التَّحْرِيشُ :
الإِصْلاَحُ
الإِفْسَادُ
6-نَجَحَتْ خُطَّةُ الْخَرُوفِ :
خُطْوَةُ الْخَرُوفِ
الْفِكْرَةُ الَّتِى فَكَّرَ فَيهَا
7-هَدَّدَ الْخَرُوفُ الْمِعْزَاةَ :
طَمْأَنَهَا
خَوَّفَهَا
8-أَنْتَ مُتَحَيِّزٌ لِلْغَزَالَةِ :
أَنْتَ كَارِهٌ لَهَا ، وَمُبْتَعِدٌ عَنْهَا
أَنْتَ مُوَافِقٌ لَهَا ، وَمُنْضَمُّ إِلَيْهَا
9-كَانَ الْخَرُوفُ لِلْمِعْزَاةِ بِالْمِرْصَادِ :
يُلاَحِظُهَا ، وَيَغْفُلُ عَنْهَا أَحْيَانَاً
يُرَاقِبُهَا بِحَيْثُ لاَ تَفُوتُهُ
10-تُبَغِّضُ الثَّرْثَرَةَ إِلَيْهِ :
تُحَبِّبُهَا إِلَيْهِ
تَجْعَلُهُ يَكْرَهُهَا كَثِيراً
11-الْخَرُوفَ حَلِيمٌ :
هَادِئٌ عِنْدَ الْغَضَبِ خَوْفَاً
هَادِئٌ عِنْدَ الْغَضَبِ ، وَغَيْرُ خَائِفٍ
12-لَمْ يَتَغَافَلِ الرَّاعِى :
نَسِيَهَا ، وَأَهْمَلَهَا
لَمْ يَتْرُكْهَا نَاسِياً
13-تَطَلَّعَتْ إِلَى الْغَزَالَةِ:
نَظَرَتْ إِلَى وَجْهِهَا
نَظَرَتْ إِلَى أَرْجُلِهَا
14-كَانَتِ الْغَزَالَةُ تَخَافُ مِنَ :
الرَّاعِى
الْمِعْزَاةِ الثَّرْثَارةِ
15-رَبَطَ الرَّاعِى الْمِعْزَاةَ فِى خَيْمَتِهِ :
لِئَلاَّ يَنْطَحَهَا الْخَرُوفُ
كَىْ تَكُفَّ عَنِالْمَأْمَأَةِ