4- الغراب الصغير

 

الغراب الصغير

كَانَ الْغُرَابُ الصَّغِيرُ قَدْ تَعَلَّمَ الطَّيَرَانَ ، وَصَارَ يَطِيرُ مِثْلَ أَبِيهِ ، وَمِثْلَ أَخِيهِ الْكَبِيرِ . وَفِى الصَّبَاحِ خَرَجَ أَبُوهُ مِنَ الْعُشِّ ، وَطَارَ ، وَوَقَفَ الْغُرَابُ الصَّغِيرُ فِى الْعُشِّ جَنْبَ أَخِيهِ الْكَبِيرِ ، وَكَانَ الْعُشُّ فَوْقَ شَجَرَةٍ عَالِيَةٍ ، وَفَوْقَ أَعْلَى غُصْنٍ مِنْهَا .

وَفَجْأَةً طَارَ الْغُرَابُ الصَّغِيرُ ، وَنَزَلَ فَوْقَ غُصْنِ شَجَرَةٍ قَرِيبٍ مِنَ الأَرْضِ ، وَنَزَلَ مِنْهُ ، وَأَخَذَ يَلْعَبُ ، وَيُغَنِّى ، وَيَثِبُ ، وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَى أَخِيهِ . وَكَانَ الأَخُ الْكَبـِيرُ مَا يَزَالُ فَوْقَ الْعُشِّ وَاقِفاً ، يَنْظُرُ إِلَى أَخِيهِ الصَّغِيرِ الَّذِى يَلْعَبُ ، وَيُغَنِّى ، وَكَانَ يَنْظَرُ إِلَى كُلِّ نَاحِيَةٍ ؛ لِيَحْرُسَ أَخَاهُ .

وَفَجْأَةً رَأَى الأَخُ الْكَبِيرُ وَلَداً ، رَآهُ مُتَّجِهاً إِلَى أَخِيهِ الصَّغِيرِ ؛ فَخَافَ مِنْهُ عَلَى أَخِيهِ ، وَنَعَقَ ؛ لِيُحَذِّرَهُ مِنَ الْوَلَدِ : أَخِى ، هُنَاكَ وَلَدٌ يَتَمَشَّى ، وَهُوَ قَادِمٌ نَحْوَكَ .. فَهَيَّا  طِرْ ، وَإِلَى الْعُشِّ عُدْ ، قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكَ الْوَلَدُ ؛ فَيَقْبِضَ عَلَيْكَ .. فَالْتَفَتَ الْغُرَابُ الصَّغِيرُ بِوَجْهِهِ  إِلَى الْوَلَدِ ، وَضَحِكَ  مِنْهُ ، وَقَالَ : هَذَا وَلَدٌ صَغِيرٌ ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَلْعَبَ مَعَهُ ؛ لأَضْحَكَ  مِنْهُ .

سَأَلَ الأَخُ الْكَبِيرُ أَخَاهُ الصَّغِيرَ : أَتَعْرِفُ هَذَا الْوَلَدَ ؟ فَأَجَابَ الصَّغِيرُ : لاَ ؛ فَتَعَجَّبَ مِنْهُ أَخُوهُ ، وَسَأَلَهُ : كَيْفَ تَلْعَبُ مَعَ مَنْ لاَ تَعْرِفُهُ ؟ثم قَالَ لَهُ أَخُوهُ : الْوَلَدُ عَدُوٌّ لِى ، وَلَكَ ، وَالْعَدُوُّ لاَ يُسْتَخَفُّ بِهِ ، بَلْ يُحْتَرَسُ مِنْهُ .

 

اقْتَرَبَ الْوَلَدُ مِنَ الْغُرَابِ الصَّغِيرِ ؛ فَنَعَقَ أَخُو الْغُرَابِ : الْوَلَدَ ، فَقَالَ الْغُرَابُ الصَّغِيرُ : أَنَا لَسْتُ مِنْهُ بِخَائِفٍ ؛ فَلَيْسَ فِى يُمْنَاهُ حَجَـرٌ ، وَلاَ فِى يُسْرَاهُ عَصَاهُ ؛  فَقَالَ الْكَبِيرُ : وَمَا يُدْرِيكَ ، ” فَقَدْ يَكُونُ الْحَجَرُ  فِى جَيْبِ قَمِيصِهِ “

سَكَتَ الأَخُ الْكَبِيرُ ، وَلَكِنَّهُ كَانَ يَنْظُرُ  إِلَى أَخِيهِ الصَّغِيرِ ، وَهُوَ خَائِفٌ عَلَيْهِ مِنَ الْوَلَدِ ، وَاقْتَرَبَ الْوَلَدُ مِنَ الْغُرَابِ الصَّغِيرِ ، وَفَجْأَةً ألْتَقَطَ حَجَراً ورَمَاهُ به ؛  فَلَمْ  يُصِبْهُ إ ، وَهَجَمَ عَلَيْهِ ؛ لِيَقْبِضَ عَلَيْهِ ، فَوَثَبَ الْغُرَابُ الصَّغِيرُ ، وَلَمْ يَسْتَطِعِ الْوَلَدُ أَنْ يَقْبِضَ عَلَيْهِ .

ظَلَّ الْوَلَدُ يُكَرِّرُ الْهُجُومَ عَلَى الْغُرَابِ الصَّغِيرِ ، وَالْغُرَابُ الصَّغِيرُ يُكَرِّرُ وَثَبَاتِهِ ، وَيَضْحَكُ مِنْهُ ، وَكَلَّمَّ الصَّغِيرُ أَخَاهُ : أَخِى ، انْظُرْ إِلَىَّ ، هَأَنَذَا أَلْعَبُ مَعَ الْوَلَدِ ، وَأَضْحَكُ مِنْهُ .

وَأَثْنَاءَ انْشِغَالِ الصَّغِيرِ بِكَلاَمِ أَخِيهِ عَنِ الانْتِبَاهِ لِلْوَلَدِ – هَجَمَ الْوَلَدُ عَلَيْهِ ، وَصَادَهُ ، وَنَجَحَ فِى الْقَبْضِ عَلَى الصَّغِيرِ ؛ فَنَعَقَ الصَّغِيرُ : ” غَاقْ ، غَاقْ ” ، وَنَعَقَ  بَعْدَهُ أَخُوهُ الْكَبِيرُ مِنْ فَوْقِ الشَّجَرَةِ : ” غَاقْ ، غَاقْ ” ، وَطَارَ مِنَ الْعُشِّ  وَحَامَ حَوْلَ الْوَلَدِ ، وَعَادَ ، فَصَعَدَ إِلَى الشَّجَرَةِ ، وَطَارَ إِلَى فَوْقٍ ، وَهُوَ يَنْعِقُ  وَجَعَلَ يُنَادِى أَبَاهُ : أَبِى ، الْوَلَدُ صَادَ أَخِى ، أَبِى ، الْوَلَدُ صَادَ أَخِى .

لَمْ يَسْمَعِ النِّدَاءَ الأَبُ ، بَلْ سَمِعَتْهُ غِرْبَانٌ كَثِيرَةٌ ، وَكَانَ كُلُّ غُرَابٍ حِينَ يَسْمَعُ نَعِيقَ غُرَابٍ آخَرَ يَنْعِقُ مِثْلَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْأَلَهُ عَمَّا حَصَلَ ؛ لِيَنْصُرَهُ بِنَعِيقِهِ أَوَّلاً ، وَلِيُسْمِعَ غَيْرَهُ ثَانِيَاً ، فَيَعْـلُوَ إِلَى فَوْقٍ ؛ لِيَرَى مَا حَدَثَ ؛ فَيسَارَعَ إِلَى نَجْدَةِ مَا سَمِعَ نَعِيقَهُ ثَالِثاً.

تَجَمَّعَتْ غِرْبَانٌ كَثِيرةٌ ، وَحَامَتْ حَوْلَ الْوَلَدِ ، وَالْوَلَدُ قَابِضٌ بِيَمِينِهِ عَلَى الْغُرَابِ . وَأَزْعَجَ الْوَلَدَ حَوَمَانُ الْغِرْبَانِ حَوْلَهُ ، وَنَعِيقُهَا فَوْقَهُ ؛ فَخَافَ مِنْهَا ، وَأَخَذَ يَلُوح ُالْغِرْبَانَ بِيَدِه الْيُسْرَى ؛ لِتَبْتَعِدَ عَنْهُ ؛ وَلَكِنَّهَا لَمْ تَبْتَعِدْ عَنْهُ . وَكَانَتْ  أَعْدَادُهَا تَزْدَادُ ، وَحَوَمَانُهَا عَلَيْهِ يَشْتَدُّ ، وَنَعِيقُهَا يَعْلُو ، وَيعْلُو .

كَانَ الْغُرَابُ الأَبُ قَدِ ابْتَعَدَ عَنِ الْعُشِّ كَثِيراً ، وَسَمِعَ  نَعِيقَ الْغِرْبَانِ .. فَنَعَقَ مِثْلَهَا ؛ لِيَنْصُرَ النَّاعِقَ بِنَعِيقِهِ ، وَلِيُسْمِعَ غَيْرَهُ نَعِيقَهُ ، وَطَارَ ؛ لِيَنْصُرَ النَّاعِقَ بِنَفْسِهِ ، وَهُوَ لاَ يَعْرِفُهُ ، وَرَأَى الْغِرْبَانَ تَطِيرُ ، وَتَهْبِطُ ، وَعَرَفَ الْمَكَانِ ؛ فَطَارَ نَحْوَهَا ، وَأَسْرَعَ إِلَيْهَا ، وَهُوَ يَنْعِقُ .

نَظَرَ الْغُرَابُ الأَبُ إِلَى الْوَلَدِ ؛ فَرَآهُ قَابِضًا عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ ؛ فَهَجَمَ عَلَى الْوَلَدِ ، وَنَقَرَهُ بِقُوَّةٍ  فِى يَدِهِ الْقَابِضَةِ عَلَى الصَّغِيرِ ؛ فَتَأَلَّمَ الْوَلَدُ ، وَأَطْلَقَ الصَّغِيرَ ؛ فَوْقَعَ الصَّغِيرُ عَلَى الأَرْضِ ، وَبِسُرْعَةٍ هَبَطَ أَخُوهُ جَنْبَهُ ، وَنَعَقَ : هَيَّا ، طِرْ مَعَنَا ؛ فَطَارَ الصَّغِيرُ ، وَهَجَمَتِ الْغِرْبَانُ عَلَى الْوَلَدِ .

أَخَذَتِ الْغِرْبَانُ  تَنْقُرُ الْوَلَدَ ُ فِى رَأْسِهُ ، وَفِى ذِرَاعَيْهِ ، وصَفَعَهُ غُرَابٌ عَجُوزٌ بِجَنَاحِهِ عَلَى وَجْهِهِ ؛ وَآخَرُ عَلَى قَفَاهُ ؛ فَتَأَلَّمَ الْوَلَدُ مِنَ الصَّفْعـتَيْنِ ، وَصَرَخَ ، وَاسْتَطَاعَ الْوَلَدُ أَنْ يَهْرُبَ مِنَ الْغِرْبَانِ ، وَأَنْ يَبْتَعِدَ عَنْهَا . ثُمَّ تَرَكَتْهُ الْغِرْبَانُ ، وَهِىَ تَضْحَكُ مِنْ  هَرَبِهِ .

كَانَ الصَّغِيُرُ قَدْ طَارَ مَعَ أَخِيهِ ، وَأَبِيهِ إِلَى الْعُشِّ ؛ فَفَرِحَ بِهِ أَبُوهُ ، وَفَرِحَ بِهِ أَخُوهُ ، وَفَرِحَتْ بِهِ الْغِرْبَانُ ، وَهَبَطَتْ فَوْقَ الشَّجَرَةِ ، وَأَخَذَ كُلُّ غُرَابٍ يَنْعِقُ مُهَنِّئًا بِالسَّلاَمَةِ : حَمْداً لِلَّهِ عَلَى السَّلامَةِ ، وَالْغُرَابُ الصَّغِيرُ يَهُزُّ رَأْسَهُ ، وَيَقُولُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى نَجَّانِى مِنَ عَدُوِّى ، وَالْعَدُوُّ لاَ يُسْتَخَفُّ بِهِ ، وَجَعَلَ يُكَرِّرُ ذَلِكَ ، ثُمَّ انْتَبَهَ لِلغِرْبَانِ حَوْلَهُ ، فَقَالَ : شُكْراً لَكُمْ .

بَعْدَ لَحْظَةٍ اعْتَذَرَ الصَّغِيرُ ، وَقَالَ : أَبِى ، أَنَا آسِفٌ ، أَنَا أَخْطَأَتُ ، فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ : الْعَدُوُّ لاَ يُسْتَخَفُّ بِهِ ، وَإِنْ كَانَ صَغِيراً .. هَلْ فَهِمْتَ ؟ فَأَجَابَ : نَعَمْ  فَهِمْتُ ،  وَلَنْ أَكُونَ الْغُرَابَ الصَّغِيرَ الْمُسْتَخِفَّ بِعَدُوِّى مَرَّةً أُخْرَى .

مَقَايِيسُ الاسْتِيعَابِ :                                           

1-نَعَقَ الْغُرَابُ :

طَارَ

صَوَّتَ

2- حَذَّرَ الْكَبِيرُ الصَّغِيرَ :

خَوَّفَهُ

طَمْأَنَهُ

3-اسْتَخَفَّ بِعَدُوِّهِ :

احْتُرَمَهُ ، وَعَظَّمَهُ

اُسْتَهَانَ بِهِ ، وَاسْتَحْقَرَهُ

4- لَيْسَ فِى يُمْنَاهُ حَجَرٌ:

فِى يَدِهِ الشِّمَالِ

فِى يَدِهِ الْيَمِينِ

5- لَيْسَ فِى يُسْرَاهُ حَجَرٌ :

  فِى يَدِهِ الشِّمَالِ

فِى يَدِهِ الْيَمِينِ

6- صَادَ الْوَلَدُ طَائِرًا :

أَمْسَكَ بِطَائِرٍ كَانَ مَحْبُوساً

أَمْسَكَ بِطَائِرٍ غَيْرِ مَحْبُوسٍ

7- حَامَ الْغُرَابُ :

طَارَ

طَارَ ، وَدَارَ

8-  النَّجْدَةُ :

السُّرْعَةُ فِى الإِغَاثَةِ

البُطْءُ فِى الإِغَاثَةِ

9- أَزْعَجَ الْوَلَدَ . . .

أَرَاحَهُ

ضَايَقَهُ

10-حَوَمَانُ الْغِرْبَانِ :

هُوَ الطَّيَرَانُ

هُوَ الطَّيَرَانُ ، وَالدَّوَرَانُ

11- الْوَلَدُ يُلُوحُ الْغِرْبَانَ بِيَدِهِ :

يَضْرِبُها

يُشِيرُ إِلَيْهِا ؛ لِيَدْفَعَهَا

12- اشْتَدَّ حَوَمَانُ الْغِرْبَانِ :

نَقَصَ

زَادَ

13- أَطْلَقَ الْوَلَدُ الْغُرَابَ :

ظَلَّ مُمْسِكًا بِهِ

تَرَكَهُ

14-بَعْدَ لَحْظَةٍ :

بَعْدَ سَاعَاتٍ ، وَأَيَّامٍ

بَعْدَ ثَوَانٍ ، وَدَقَائِقَ

15- الْغُرَابُ الصَّغِيرُ :

شُجَاعٌ

مُسْتَخِفٌّ بِعَدُوِّهِ

16-الْغُرَابُ الأَبُ:

شُجَاعٌ

مُسْتَخِفٌّ بِعَدُوِّهِ