الدَّجَاجَةُ النَّبِيـهَةُ
كَانَتِ الدَّجَاجَةُ تَنَامُ فِى حَظِيرَتِهَا ، وَحَظِيرَتُهَا قَفَصٌ صَغِيرٌ ، وَمَتِينٌ . وَفِى الصَّبَاحِ صَحَتِ الدَّجَاجَةُ مِنْ نَوْمِهَا مُبَكِّراً ؛ فَوَجَدَتْ سَيِّدَتَهَا قَدْ فَتَحْتَ لَهَا بَابَ حَظِيرتِهَا ، فَخَرَجَتْ مِنْهَا ؛ لِتَأْكُلَ مِنَ الْحَبِّ ، وَلِتَشْرَبَ مِنَ الْمَاءِ ؛ وَلِتَلْعَبَ مَعَ أَصْحَابِهَا الثَّلاَثَةِ : الدِّيكِ ، وَالْبَطَّةِ ، وَالإِوَزَّةِ .. وَأَكَلَتْ مِنَ الْحَبِّ ، وَشَرِبَتْ مِنَ الْمَاءِ ، وَلَعِبَتْ مَعَ أَصْحَابِهَا ، وَتَعِبَتْ ، وَفَكَّرَتْ أَنْ تَعُودَ إِلَى حَظِيرَتِهَا ؛ لِتَسْتَرِيحَ مِنْ تَعَبِهَا ، وَلِتَضَعَ بَيْضَتَهَا .
تَمَشَّتِ الدَّجَاجَةُ نَحْوَ حَظِيرَتِهَا ، وَهِىَ تَهُزُّ رَأْسَهَا ، وَتَصِيحُ بِصَوْتٍ مُنْخَفِضٍ : ” كَاكْ ، كَاكْ ، كَاكْ ” ، وَاقْتَرَبَتْ مِنْ حَظِيرَتِهَا ، وَتَنَبَّهَتْ لَهَا ؛ فَتَعَجَّبَتْ مِنْهَا ، وَتَوَقَّفَتْ عَنِ الصِّيَاحِ ، وَعَنِ الْمَشْىِ ؛ فَقَدْ رَأَتْ عَلَى بَابِهَا مَا أَخَافَهَا ، وَأَفْزَعَهَا : رَأَتْ ذَيْلاً كَبِيراً ؛ فَلاَ هُوَ ذَيْلُ الْقِطَّةِ الَّذِى تَعْرِفُهُ ، وَتَعْرِفُهَا ، وَتُحِبُّهَا ، وَتُحِبُّ اللَّعِبَ مَعَهَا ، وَلاَ هُوَ ذَيْلُ الْكَلْبِ الَّذِى تَعْرِفُهُ ، وَتَعْرِف ذَيْلَهُ ، وَتَكْرَهُهُ ، وَتَكْرَهُ اللَّعِبَ مَعَهُ .. إِنَّهُ ذَيْلٌ طَوِيلٌ ، وَشَكْلُهُ جَمِيلٌ ، وَشَعْرُهُ طَوِيلٌ .
تَسَاءَلَتِ الدَّجَاجَةُ : أَىُّ ذَيْلٍ هَذَا ؟ ثُمَّ سَكَتَتْ ، وَفَكَّرَتْ ، وَقَالَتْ : أَنَا أَسَأْلُ أَصْحَابِى عَنْهُ ، فَرُبَّمَا يَعْرِفُونَهُ ؛ فَرَفَعَتْ صَوْتَهَا ، وَصَاحَتْ : ” كَاكْ ، كَاكْ ” ، وَكَانَ الدِّيكُ مِنْهَا قَرِيباً ، وَلَمْ يَنْتَظِرْ حَتَّى يَأْتِىَ الْحَظِيرَةَ ، بَلْ صَاحَ وَهُوَ فِى مَكَانِهِ : ” كَاكْ ، كَاكْ ” ، وَأَسْرَعَ إِلَيْهَا .
سَمِعَتِ الإِوَزَّةُ صِيَاحَ الدَّجَاجَةِ ، وَصِيَاحَ الدِّيكِ ؛ فَصَاحَتْ مثْلَهُما : ” كَاكْ ، كَاكْ ” ، وتَجَمَّعَ أَصْدِقَاءُ الدَّجَاجَةِ الثَّلاَثَةُ أَمَامَ حَظِيرَتِهَا ، وَنَظَرُوا إِلَيْهَا ، وَسَأَلَتْهُمْ الدَّجَاجَةُ : أَىُّ ذَيْلٍ هَذَا ؟ فَحَمْلَقَتْ إِلَيْهِ الإِوَزَّةُ ، وَلَمْ تُجِبْ ، وَهَزَّ الدِّيكُ رَأْسَهُ ، وَلَمْ يُجِبْ ، بَلْ أَجَابَتِ الْبَطَّةُ : إِنَّهُ ذَيْلُ الثَّعْلَبِ وَلَمْ تَتْرُكْ الإِوَزَّةُ الْبَطَّةَ تُكْمِلُ كَلاَمَهَا .. بَلْ صَاحَتْ : ” كَاكْ ” ، وَهَرَبَتْ ؛ لِتَبْتَعِدَ عَنِ الثَّعْلَبِ
أَكْمَلَتِ الْبَطَّةُ قَوْلَهَا ، فَقَالَتْ : أَنَا أَشُّمُّ رَائِحَةً مُنْتِنَةً ، فَقَالَ الدِّيكُ ، وَالدَّجَاجَةُ مَعاً : وَنَحْنُ كَذَلِكَ ، فَقَالَتِ الْبَطَّةُ : إِنَّهُ ثَعْلَبٌ مَيِّتٌ ، فَسَأَلَتْهَا الدَّجَاجَةُ ، وَكَيْفَ عَرَفَتِ ذَلِكَ ؟ فَأَجَابَتْ : الرَّائِحَةُ الْكَرِيهَةُ أَكَّدَتْ لِى أَنَّ الثَّعْلَبَ قَدْ مَاتَ فِى هَذِهِ الْحَظِيرَةِ مُنْذُ مَنٍ بَعِيدٍ ، فَقَالَتِ الدَّجَاجَةُ : أَنَا خَرَجْتُ مِنْهَا فِى هَذَا الصَّبَاحِ ، وَلَمْ أَرَهُ ؛ فَهَزَّ الدِّيكُ رَأْسَهُ مُتَعَجِّباً .
فَكَّرَتِ الدَّجَاجَةُ ، وَنَقَرَتْ ذَيْلَ الثَّعْلَبِ ، فَتَحَرَّكَ الذَّيْلُ ، فَصَاحَتِ الْبَطَّةُ : الثَّعْلَبُ حَىٌّ ، وَهَرَبَتْ هَرَباً سَرِيعاً ، وَصَعَدَتْ فَوْقَ مكَانٍ عَالٍ ، وَهَرَبَتِ الدَّجَاجَةُ ، وَهَرَبَ وَرَاءَهَا الدِّيكُ ، وَكَانَتِ الإِوَزَّةُ مَا تَزَالُ تَصِيحُ ؛ فَسَمِعَتْ صِيَاحَهَا صَاحِبَةُ الْبَيْتِ ، فَسَأَلَتْهَا : مَاذَا حَدَثَ ؟ فَلَمْ تُجِبْ الإِوَزَّةُ وَلَمْ تُجِبِ الْبَطَّةُ ، وَلاَ الدِّيكُ ، بَلْ أَجَابَتِ الدَّجَاجَةُ : فِى حَظِيرَتِى ثَعْلَبٌ .
تَنَاوَلَتْ صَاحِبَةُ الْبَيْتِ عَصًا ، وَأْسْرَعَتْ نَحْوَ الْحَظِيرَةِ ، وَسَارَتِ الدَّجَاجَةُ وَأَصْحَابُهَا وَرَاءهَا إِلَى الْحَظِيرَةِ ، وَنَظَرَتْ إِلَى الثَّعْلَبِ ، وَمَا يَزَالُ ذَيْلُهُ خَارِجَ بَابِ الْقَفَصِ ، وَقَدِ انْتَشَرَتْ فِى الْمَكَانِ رَائِحَةٌ مُنْتِنَةٌ ؛ فَعَرَفَتْ صَاحِبَةُ الْبَيْتِ أَنَّ الثَّعْلَب قَدْ تَمَاوَتَ ؛ لِيَحْتالَ .. فَأَغْلَقَتْ بَابَ الْحَظِيرَةِ عَلَيْهِ ؛ فَوَقَفَ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُتَمِدِّداً ، وَظَلَّ يَصْرُخُ : آهْ ، ذَيْلِى ، ذَيْلى ، اتْرُكْ ذَيْلِى أَيُّهَا الْبَابُ .
فَرِحَتِ الدَّجَاجَةُ بِصُرَاخِ الثَّعْلَبِ ، وَفَرِحَ بِهِ أَصْحَابُهَا ؛ فَكَانَ الدِّيكُ يَقْفِزُ ، وَيَرْقُصُ ، وَكَانَتِ الإِوَزَّةُ تَصِيحُ ، وَتُرَفْرِفُ ، وَكَانَتِ الْبَطَّةُ تُرَفْرِفُ، وَتَهُزُّ رَأْسَهَا ، وَفَجْأَةً تَوَقَّفَتِ الْبَطَّةُ عَمَّا تَفْعَلُهُ ، وَهَجَمَتْ عَلَى ذَيْلِ الثَّعْلَبِ ، وَأَخَذَتْ تَنْقُرُهُ ، وَهِىَ تَقُولُ : أَيُّهَا الْكَاذِبُ الْمُحْتَالُ ، وَنَقَرَتْهُ الدَّجَاجَةُ بِمِنْقَارِهَا ، وَهِىَ تَقُولُ : أَنْتَ كُنْتَ سَتَفَتَرِسُنِى .
صَاحَ الدِّيكُ : يَا سَيِّدَتِى ، عَذِّبِى الثَّعْلَبَ ، ثُمَّ اقْتُلِيهِ ، فَقَالَتْ : لاَ ، لَنْ أُعَذِّبَهُ ؛ فَتَعْذِيبُ الْحَيَوَانِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْنَا ، وَلَنْ أَقْتُلَهُ ، وَلَكِنَّنِى سَأَذْهَبُ بِهِ إِلَى حَدِيقَةِ الْحَيَوَانِ ، وَحَمَلَتِ القَفَصَ ، وَكَانَ الثَّعْلَبُ فِيه مَحْبُوساً ، وَأَخَذَتْهُ مَعَهَا ، وَهِىَ فَرِحَةٌ بِصَيْدِهِ .
احْتَفَلَتِ الطُّيُورُ الثَّلاَثَةُ بِنَجَاتِهَا مِنَ الثَّعْلَبِ ، وَأَخَذَتْ تَتَرَقَّصُ ، وَتَدُورُ كُلُّهَا حَوْلَ الدَّجَاجَةِ ، وَتَقُولُ لَهَا : لَوْلاَكِ أَيَّتُهَا الدَّجَاجَةُ النَّبِيهَةُ لَمَا نَجَوْنَا مِنَ الثَّعْلَبِ .. وَلَكِنَّ الْبَطَّـةَ لَحَظَتْ أَنَّ الدَّجَاجَةَ سَاكِتَةٌ ، وَيَبْدُو عَلَيْهَا الْحُزْنُ فَسَأَلَتْهَا : لِمَ لاَ تَحْتَفِلِينَ مِثْلَنَا بِنَجَاتِكِ مِنَ الثَّعْلَبِ ؟! فَأَجَابَتْ : لَقَدْ فَقَدْتُ حَظِيرَتِى ، فَأَيْنَ أَضَعُ بَيْضَتِى ؟! وَأَيْنَ أَنَامُ نَوْمَتِى؟!
تَعَجَّبَتِ الْبَطَّةُ مِنَ انْشِغَالِ الدَّجَاجَةِ بِالْحُزْنِ عَلَى حَظِيرَتِهَا ، وَمِنْ نِسْيَانِهَا الاحْتِفَالَ بِنَجَاتِهَا ؛ فَذَكَّرَتْهَا بِمَا كَانَ سَيَنْتَهِى إِلَيْهِ أَمْرُهَا : لَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكِ ، وَرَحْمَتُهُ لَوَضَعْتِ بَيْضَتَكِ الْيَوْمَ فِى بَطْنِ الثَّعْلَبِ ، وَصَاحَ الدِّيكُ : كَانَ يجِبُ عَلَيْكِ أَنْ تَقُولِى : الْحَمْدُ لِلَّهِ ؛ فَقَدْ نَجَّاكِ اللَّهُ مِنَ الثَّعْلَبِ ؛ فَابْتَسَمَتِ ، وَقَالَتْ : الْحَمْدُ لِلَّهِ .
مَقَايِيسُ الاسْتِيعَابِ :
- أَبْطَأَتِ الإِوَزَّةُ :
تَمَهَّلَتْ
أَسْرَعَتْ
- هَرَبَتِ الإِوَزَّةُ :
جَرَتْ ، وَهِىَ خَائِفَةٌ
جَرَتْ ، وَهِىَ غَيْرُ خَائِفَةٍ
3-رَائِحَةٌ مُنْتِنَةٌ :
طَيِّبَةٌ
كَرِيهَةٌ
4-انْتَشَرَتْ رَائِحَةٌ مُنْتِنَةٌ :
انْعَدَمَتْ
كَثُرَتْ
5-تَمَاوَتَ الثَّعْلَبُ :
أَظْهَرَ أَنَّهُ مَيِّتٌ
أَظْهَرَ أَنَّهُ نَائِمٌ
6-احْتَالَ الثَّعْلَبُ :
كَانَ صَادِقاً
عَمِلَ حِيلَةً
7-عَذِّبِى الثَّعْلَبَ :
اجْعَلِيهِ يَضْحَكُ
اجْعَلِيهِ يَتَأَلَّمُ
8- يَبْدُو الْحُزْنُ عَلَى الدَّجَاجَةِ:
يَظْهَرُ
لاَ يَظْهَرُ