8- الدجاجة النبيهة

الدَّجَاجَةُ النَّبِيـهَةُ

 كَانَتِ الدَّجَاجَةُ تَنَامُ فِى حَظِيرَتِهَا ، وَحَظِيرَتُهَا قَفَصٌ صَغِيرٌ ، وَمَتِينٌ . وَفِى الصَّبَاحِ صَحَتِ الدَّجَاجَةُ مِنْ نَوْمِهَا مُبَكِّراً ؛ فَوَجَدَتْ سَيِّدَتَهَا  قَدْ  فَتَحْتَ لَهَا بَابَ حَظِيرتِهَا ، فَخَرَجَتْ مِنْهَا ؛ لِتَأْكُلَ مِنَ الْحَبِّ ، وَلِتَشْرَبَ مِنَ الْمَاءِ  ؛ وَلِتَلْعَبَ مَعَ أَصْحَابِهَا الثَّلاَثَةِ : الدِّيكِ ، وَالْبَطَّةِ ، وَالإِوَزَّةِ .. وَأَكَلَتْ  مِنَ  الْحَبِّ ، وَشَرِبَتْ مِنَ  الْمَاءِ ، وَلَعِبَتْ  مَعَ  أَصْحَابِهَا ، وَتَعِبَتْ ، وَفَكَّرَتْ  أَنْ تَعُودَ إِلَى حَظِيرَتِهَا ؛ لِتَسْتَرِيحَ مِنْ  تَعَبِهَا ، وَلِتَضَعَ بَيْضَتَهَا .

  تَمَشَّتِ الدَّجَاجَةُ نَحْوَ حَظِيرَتِهَا ، وَهِىَ تَهُزُّ رَأْسَهَا ، وَتَصِيحُ بِصَوْتٍ مُنْخَفِضٍ : ” كَاكْ  ، كَاكْ  ، كَاكْ  ” ، وَاقْتَرَبَتْ  مِنْ حَظِيرَتِهَا ، وَتَنَبَّهَتْ لَهَا ؛ فَتَعَجَّبَتْ  مِنْهَا ، وَتَوَقَّفَتْ عَنِ الصِّيَاحِ ، وَعَنِ الْمَشْىِ ؛ فَقَدْ رَأَتْ عَلَى بَابِهَا مَا أَخَافَهَا ، وَأَفْزَعَهَا : رَأَتْ ذَيْلاً كَبِيراً ؛ فَلاَ هُوَ ذَيْلُ الْقِطَّةِ الَّذِى تَعْرِفُهُ ، وَتَعْرِفُهَا ،  وَتُحِبُّهَا ، وَتُحِبُّ اللَّعِبَ مَعَهَا ، وَلاَ هُوَ  ذَيْلُ الْكَلْبِ الَّذِى تَعْرِفُهُ ، وَتَعْرِف  ذَيْلَهُ ، وَتَكْرَهُهُ ، وَتَكْرَهُ اللَّعِبَ مَعَهُ .. إِنَّهُ  ذَيْلٌ طَوِيلٌ ، وَشَكْلُهُ جَمِيلٌ ، وَشَعْرُهُ طَوِيلٌ .

تَسَاءَلَتِ الدَّجَاجَةُ : أَىُّ ذَيْلٍ هَذَا  ؟ ثُمَّ سَكَتَتْ ، وَفَكَّرَتْ ، وَقَالَتْ : أَنَا أَسَأْلُ أَصْحَابِى عَنْهُ ، فَرُبَّمَا يَعْرِفُونَهُ ؛ فَرَفَعَتْ صَوْتَهَا ، وَصَاحَتْ : ” كَاكْ ، كَاكْ  ” ، وَكَانَ الدِّيكُ مِنْهَا قَرِيباً ،  وَلَمْ  يَنْتَظِرْ حَتَّى يَأْتِىَ الْحَظِيرَةَ ، بَلْ صَاحَ  وَهُوَ فِى مَكَانِهِ : ” كَاكْ ، كَاكْ  ” ، وَأَسْرَعَ إِلَيْهَا .

سَمِعَتِ الإِوَزَّةُ صِيَاحَ الدَّجَاجَةِ ، وَصِيَاحَ الدِّيكِ  ؛ فَصَاحَتْ مثْلَهُما : ” كَاكْ  ، كَاكْ  ” ، وتَجَمَّعَ أَصْدِقَاءُ الدَّجَاجَةِ الثَّلاَثَةُ  أَمَامَ حَظِيرَتِهَا ، وَنَظَرُوا  إِلَيْهَا ، وَسَأَلَتْهُمْ الدَّجَاجَةُ : أَىُّ ذَيْلٍ هَذَا ؟ فَحَمْلَقَتْ إِلَيْهِ الإِوَزَّةُ ، وَلَمْ تُجِبْ ، وَهَزَّ الدِّيكُ رَأْسَهُ ، وَلَمْ يُجِبْ ، بَلْ أَجَابَتِ الْبَطَّةُ :  إِنَّهُ ذَيْلُ الثَّعْلَبِ  وَلَمْ تَتْرُكْ الإِوَزَّةُ الْبَطَّةَ  تُكْمِلُ كَلاَمَهَا .. بَلْ صَاحَتْ : ” كَاكْ ” ، وَهَرَبَتْ ؛ لِتَبْتَعِدَ عَنِ الثَّعْلَبِ

أَكْمَلَتِ الْبَطَّةُ  قَوْلَهَا ، فَقَالَتْ : أَنَا أَشُّمُّ رَائِحَةً مُنْتِنَةً ،  فَقَالَ الدِّيكُ ، وَالدَّجَاجَةُ مَعاً : وَنَحْنُ كَذَلِكَ ، فَقَالَتِ الْبَطَّةُ : إِنَّهُ ثَعْلَبٌ مَيِّتٌ ، فَسَأَلَتْهَا الدَّجَاجَةُ ، وَكَيْفَ عَرَفَتِ ذَلِكَ ؟  فَأَجَابَتْ : الرَّائِحَةُ الْكَرِيهَةُ أَكَّدَتْ لِى أَنَّ الثَّعْلَبَ  قَدْ مَاتَ فِى هَذِهِ الْحَظِيرَةِ مُنْذُ مَنٍ بَعِيدٍ ، فَقَالَتِ الدَّجَاجَةُ : أَنَا خَرَجْتُ  مِنْهَا فِى هَذَا الصَّبَاحِ ،  وَلَمْ أَرَهُ ؛ فَهَزَّ الدِّيكُ رَأْسَهُ مُتَعَجِّباً .

فَكَّرَتِ الدَّجَاجَةُ ، وَنَقَرَتْ ذَيْلَ الثَّعْلَبِ ، فَتَحَرَّكَ الذَّيْلُ ، فَصَاحَتِ الْبَطَّةُ : الثَّعْلَبُ حَىٌّ ، وَهَرَبَتْ هَرَباً سَرِيعاً ، وَصَعَدَتْ فَوْقَ مكَانٍ عَالٍ ، وَهَرَبَتِ الدَّجَاجَةُ ، وَهَرَبَ وَرَاءَهَا الدِّيكُ ، وَكَانَتِ  الإِوَزَّةُ  مَا  تَزَالُ تَصِيحُ ؛ فَسَمِعَتْ صِيَاحَهَا صَاحِبَةُ الْبَيْتِ ، فَسَأَلَتْهَا : مَاذَا حَدَثَ ؟ فَلَمْ  تُجِبْ الإِوَزَّةُ   وَلَمْ  تُجِبِ الْبَطَّةُ ، وَلاَ الدِّيكُ ، بَلْ أَجَابَتِ الدَّجَاجَةُ : فِى حَظِيرَتِى ثَعْلَبٌ .

تَنَاوَلَتْ صَاحِبَةُ الْبَيْتِ  عَصًا ، وَأْسْرَعَتْ نَحْوَ الْحَظِيرَةِ ، وَسَارَتِ الدَّجَاجَةُ وَأَصْحَابُهَا وَرَاءهَا إِلَى الْحَظِيرَةِ ، وَنَظَرَتْ إِلَى الثَّعْلَبِ ، وَمَا يَزَالُ  ذَيْلُهُ خَارِجَ بَابِ الْقَفَصِ ، وَقَدِ انْتَشَرَتْ فِى الْمَكَانِ رَائِحَةٌ مُنْتِنَةٌ ؛ فَعَرَفَتْ صَاحِبَةُ الْبَيْتِ أَنَّ الثَّعْلَب قَدْ تَمَاوَتَ ؛ لِيَحْتالَ .. فَأَغْلَقَتْ  بَابَ الْحَظِيرَةِ عَلَيْهِ ؛ فَوَقَفَ بَعْدَ  أَنْ كَانَ  مُتَمِدِّداً ، وَظَلَّ يَصْرُخُ : آهْ ،  ذَيْلِى ،  ذَيْلى ، اتْرُكْ ذَيْلِى أَيُّهَا الْبَابُ .

فَرِحَتِ الدَّجَاجَةُ بِصُرَاخِ الثَّعْلَبِ ، وَفَرِحَ بِهِ أَصْحَابُهَا ؛  فَكَانَ  الدِّيكُ يَقْفِزُ ، وَيَرْقُصُ ، وَكَانَتِ الإِوَزَّةُ  تَصِيحُ ، وَتُرَفْرِفُ ، وَكَانَتِ الْبَطَّةُ  تُرَفْرِفُ، وَتَهُزُّ رَأْسَهَا ، وَفَجْأَةً تَوَقَّفَتِ الْبَطَّةُ عَمَّا تَفْعَلُهُ ، وَهَجَمَتْ عَلَى ذَيْلِ الثَّعْلَبِ ، وَأَخَذَتْ تَنْقُرُهُ ، وَهِىَ تَقُولُ : أَيُّهَا الْكَاذِبُ الْمُحْتَالُ ، وَنَقَرَتْهُ الدَّجَاجَةُ بِمِنْقَارِهَا ،  وَهِىَ تَقُولُ : أَنْتَ كُنْتَ سَتَفَتَرِسُنِى .

صَاحَ الدِّيكُ :  يَا سَيِّدَتِى ، عَذِّبِى الثَّعْلَبَ ، ثُمَّ اقْتُلِيهِ ،   فَقَالَتْ  : لاَ ،  لَنْ  أُعَذِّبَهُ ؛ فَتَعْذِيبُ الْحَيَوَانِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْنَا ، وَلَنْ أَقْتُلَهُ ،  وَلَكِنَّنِى سَأَذْهَبُ بِهِ إِلَى حَدِيقَةِ الْحَيَوَانِ ، وَحَمَلَتِ القَفَصَ ، وَكَانَ الثَّعْلَبُ  فِيه  مَحْبُوساً ، وَأَخَذَتْهُ مَعَهَا ،  وَهِىَ فَرِحَةٌ بِصَيْدِهِ .

 احْتَفَلَتِ الطُّيُورُ الثَّلاَثَةُ بِنَجَاتِهَا مِنَ الثَّعْلَبِ ، وَأَخَذَتْ تَتَرَقَّصُ ، وَتَدُورُ كُلُّهَا حَوْلَ الدَّجَاجَةِ ، وَتَقُولُ لَهَا : لَوْلاَكِ أَيَّتُهَا الدَّجَاجَةُ النَّبِيهَةُ لَمَا نَجَوْنَا مِنَ الثَّعْلَبِ .. وَلَكِنَّ الْبَطَّـةَ لَحَظَتْ أَنَّ الدَّجَاجَةَ سَاكِتَةٌ ، وَيَبْدُو  عَلَيْهَا الْحُزْنُ فَسَأَلَتْهَا : لِمَ لاَ تَحْتَفِلِينَ مِثْلَنَا بِنَجَاتِكِ  مِنَ الثَّعْلَبِ ؟!  فَأَجَابَتْ : لَقَدْ فَقَدْتُ حَظِيرَتِى ،  فَأَيْنَ أَضَعُ بَيْضَتِى ؟! وَأَيْنَ أَنَامُ نَوْمَتِى؟!

تَعَجَّبَتِ الْبَطَّةُ مِنَ انْشِغَالِ الدَّجَاجَةِ بِالْحُزْنِ عَلَى حَظِيرَتِهَا ، وَمِنْ نِسْيَانِهَا الاحْتِفَالَ بِنَجَاتِهَا ؛ فَذَكَّرَتْهَا بِمَا كَانَ سَيَنْتَهِى إِلَيْهِ أَمْرُهَا : لَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكِ ، وَرَحْمَتُهُ لَوَضَعْتِ بَيْضَتَكِ الْيَوْمَ فِى بَطْنِ الثَّعْلَبِ ، وَصَاحَ الدِّيكُ : كَانَ  يجِبُ عَلَيْكِ أَنْ تَقُولِى : الْحَمْدُ لِلَّهِ ؛ فَقَدْ نَجَّاكِ اللَّهُ مِنَ الثَّعْلَبِ ؛ فَابْتَسَمَتِ ، وَقَالَتْ : الْحَمْدُ لِلَّهِ .

مَقَايِيسُ الاسْتِيعَابِ :

  • أَبْطَأَتِ الإِوَزَّةُ :

     تَمَهَّلَتْ

     أَسْرَعَتْ

  • هَرَبَتِ الإِوَزَّةُ :

    جَرَتْ ، وَهِىَ خَائِفَةٌ

    جَرَتْ ، وَهِىَ غَيْرُ خَائِفَةٍ

3-رَائِحَةٌ مُنْتِنَةٌ :

    طَيِّبَةٌ

    كَرِيهَةٌ

4-انْتَشَرَتْ رَائِحَةٌ مُنْتِنَةٌ :

   انْعَدَمَتْ

   كَثُرَتْ

5-تَمَاوَتَ الثَّعْلَبُ :

   أَظْهَرَ أَنَّهُ  مَيِّتٌ

   أَظْهَرَ أَنَّهُ نَائِمٌ

6-احْتَالَ الثَّعْلَبُ :

   كَانَ صَادِقاً

   عَمِلَ حِيلَةً

 7-عَذِّبِى الثَّعْلَبَ :

    اجْعَلِيهِ يَضْحَكُ

    اجْعَلِيهِ يَتَأَلَّمُ

8- يَبْدُو الْحُزْنُ عَلَى الدَّجَاجَةِ:

     يَظْهَرُ

     لاَ يَظْهَرُ