الثَّعْلَبُ الْمَخْـدُوعُ
سَيِّدٌ عِنْدَهُ سَيَّارَةٌ ، وَعِنْدَهُ بُنْدُقِيَّةٌ ، وَالْبُنْدُقِيَّةُ كَبِيرَةٌ ، وَالسَّيَّارَةُ صَغِيرَةٌ ، ، وَبَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ رَكِبَ سَيِّدٌ سَيَّارَتَهُ ، وَأَخَذَ مَعَهُ بُنْدُقِيَّتَهُ ؛ لِيَصِيدَ الثَّعْلَبَ . وَكَانَ قَدْ صَادَ أَمْسِ الأَوَّلِ غَزَالاً ، وَصَادَ بِالأَمْسِ أَرْنَباً ، ، وَرَأَى الثَّعْلَبَ ، وَلَكِنَّهُ تَخَفَّى مِنْهُ ؛ فَأَخْفَقَ فِى صَيْدِهِ.
تَذَكَّرَ سَيِّدٌ أَنَّ الثَّعْلَبَ كَانَ قَدْ اخْتَبَأَ مِنْهُ بِالأَمْسِ ؛ لِيَخْدَعَهُ ، وَفَكَّرَ ، وَهُوَ يَقُودُ سَيَّارتَهُ ؛ فَقَالَ لِنَفْسِهِ : لَقَدْ عَرَفْتُ الْحَلَّ ، بَلْ وَتَعَلَّمْتُهُ مِنَ الثَّعْلَبِ نَفْسِهِ . فَعَلَىَّ أَنْ أَخْتَبِئَ مِنَ الثَّعْلَبِ ؛ لِئَلاَّ يَرَانِى ؛ كَىْ أَخْدَعَهُ ، وَأَصيِدَهُ ؛ فَأَوْقَفَ سَيَّارَتَهُ ، وَنَزَلَ مِنْهَا ، وَتَرَكَهَا حَامِلاً بُنْدُقِيَّتَهُ ، وَسَارَ أمَامَها ، وَتَوَغَّلَ فِى الْغَابَةِ ؛ فَابْتَعَدَ كَثِيرًا عَنْ سَيَّارَتِهِ ، وَكَانَ الثَّعْلَبُ قَدْ رَأَى سَيِّدًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ ؛ فَقَدْ رَأَى ضَوْءَ السَّيّارَةِ ، وَحَرَصَ عَلَى أَنْ يَسِيرَ وَرَاءَهَا ؛ لِيَخْدَعَ صَاحِبَهَا ، وَابْتَسَمَ الثَّعْلَبُ حِينَ رَأَى سَيِّدًا يَنْزِلُ مِنْ سَيَّارَتِهِ ، وَيَتْرُكُهَا ، وَيَبْتَعِدَ عَنْهَا كَثِيرًا ؛ فَهُوَ قَدْ نَجَحَ فِى خِدَاعِهِ ، ثُمَّ اقْتَرَبَ مِنَ السَّياَّرَةِ .
لَمْ يَكُنِ الثَّعْلَبُ يَعْرِفَ كَيْفَ تَسِيرُ السَّيَّارَةُ ، وَلاَ كَيْفَ تَتَوَقَّفُ عَنِ السَّيْرِ .. وَلَكِنَّهُ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهَا لُعْبَةٌ جَمِيلَةٌ : يَرْكَبُهَا صَاحِبُهَا ؛ لِيَلْعَبَ بِهَا ، وَتُلاَعِبَهُ ، وَتُضِىءَ لَهُ الطَّرِيقَ ؛ فَيَرَى كُلَّ شَىْءٍ ، وَتُطْلِقُ الصَّفَّارَةَ فَيَطْرَبَ لَهَا ؛ فَأَحَبَّ كُلَّ ذَلِكَ ، فَقَفَزَ داخِل السَّيَّارة ، وَوَقَفَ عَلَى الكُرْسِىِّ الَّذِى كَانَ يَقْعُدُ عَلَيْهِ صَاحِبُهَا .. فَقَدْ كَانَ يَرْقُبُهُ ؛ فَعَرَفَ قَلِيلاً مِمَّا كَانَ بِهَا يَفْعَلُهُ .
قَعَدَ الثَّعْلَبُ عَلَى كُرْسِىِّ الْقِيَادَةِ ، وَمَدَّ يَدَهُ ، وَأَخَذَ يَلْعَبُ بِكُلِّ مَا رَآهُ فِى السَّيَّارَةِ ؛ فَلَمْ تَسْتَجِبْ لَهُ ، وَلَمْ تَتَحَرَّكْ ، وَلَمْ تُضِئْ الطَّرِيقَ ، وَلَمْ تُطْلِقِ الصَّفَّارَةَ .
حَاوَلَ الثَّعْلَبُ أَنْ يُحَرِّكَ عَجَلَةَ الْقِيَادَةِ ؛ فَلَمْ يَسْتَطِعْ ، وَغَضِبَ عَلَى السَّيَّارَةِ ، وَصَرَخَ فِيهَا : أَيَّتُهَا اللُّعْبَةُ ، لِمَ لَمْ تُرَحِّبِى بِى ؟! وَلِمَ لَمْ تَلْعَبِى مَعِىَ ؟! وَضَرَبَ بِيَدِهِ وَسَطَ عَجَلَةِ الْقِيَادَةِ ؛ فَانْطَلَقَتِ الصَّفَّارَةُ ، فَفَزِعَ الثَّعْلَبُ ، وَانْطَلَقَ هَارِباً ، ثُمَّ توَقَّفَ عَنِ الْهَرَبِ ، وَاخْتَبَأَ ، وَانْتَظَرَ ؛ فَلَمْ يَرَ أَحَداً ، وَلَمْ تَتَحَرَّكِ السَّيَّارَةُ .. وَلَكِنَّهُ ابْتَسَمَ ، وَهُوَ فِى مَكَانِهِ ، فَقَالَ : لَقَدْ عَرَفْتُ اللُّعْبَةَ ، وَسَوْفَ أَلْعبُ بِهَا .
لَمْ يَتَعَجَّلِ الثَّعْلَبُ الْعَوْدَةَ إِلَى السَّيَّارَةِ ، وَانْتَظَرَ قَلِيلاً ؛ فَلَمْ يَرَ صَاحِبَهَا ، وَابْتَسَمَ ، وَعَادَ إِلَيْهَا ، وَقَعَدَ عَلَى كُرْسِىِّ الْقِيَادَةِ ، وَأَخَذَ يَضْرِبُ بِيَدِهِ وَسَطَ عَجَلَةِ الْقِيَادَةِ ، وَالصَّفَّارَةُ تَنْطَلِقُ ، وَفَرِحَ بِهَا ؛ فَطَرِبَ لَهَا ، وَأَخَذَ يُغَنِّى ، وَيَضْرِبُ بِكِلْتَىْ يَدَيْهِ وَسَطَهَا ، وَيَنْظُرُ أَمَامَهُ ، وَهُوَ فَرِحٌ بِاللُّعْبَةِ الْجَمِيلَةِ .
كَانَ سَيِّدٌ قَدِ ابْتَعَدَ كَثِيرًا عَنْ سَيَّارَتِهِ ، وَحِينَمَا سَمِعَ صَوْتَ صَفَّارَتِهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ انْتَبَهَ لَهَا ؛ فَعَادَ فِى طَرِيقِهِ الَّذِى جَاءَ مِنْهُ إِلَيْهَا ، وَفِى الطَّرِيقِ فَكَّرَ ، وَقَالَ : لِمَاذَا لاَ أَفْعَلُ مِثْلَمَا يَفْعَلُ الثَّعْلَبُ ؟ أَنَا سَأَعُودُ إِلَى سَيَّارَتِى مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ ؛ لأَصِلَ إِلَى سَيَّارَتِى مِنْ وَرَائِهَا ، وَلأَعْرِفَ مَنْ ذَا الَّذِى أَطْلَقَ الصَّفَّارةَ .. وَعَادَ سَيِّدٌ إِلَى سَيَّارَتِهِ حَامِلاً بُنْدِقِيَّتَهُ ، وَصَارَ وَرَاءَهَا ، وَاقْتَرَبَ مِنْهَا .
نَظَرَ سَيِّدٌ إِلَى سَيَّارَتِهِ ؛ فَابْتَسَمَ ، فَقَدْ رَأَى الثَّعْلَبَ يَقْعُدُ عَلَى كُرْسِىِّ الْقِيَادَةِ ، وَيَتَرَقَّصُ ، وَتَارَةً يُغَنِّى ، وَأُخْرَى يَضْحَكُ ، وَلَمْ يَكُنِ الثَّعْلَبُ يَلْتَفِتُ إِلَى يَمِينِهِ ، وَلاَ إِلَى شِمَالِهِ ، وَلاَ إِلَى وَرَائِهِ ، وَلَكِنَّهُ كَانَ يَنْظُرُ إِلَى أمَامه ؛ لِيَحْتَرِسَ مِنْ صَاحِبِهَا. .أُعْجِبَ سَيِّدٌ بِحِيلَتِهِ ؛ فَقَدِ انْخَدَعَ الثَّعْلَبُ ، وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يُطْلِقَ عَلَيْهِ بُنْدُقِيَّتَهُ بِسُرْعَةٍ ، وَأَحَبَّ أَنْ يُشَاهِدَهُ ، وَكَانَ يَقُولُ : أَنَا الْيَوْمَ أَخْدَعُكَ كَمَا خَدَعْتَنِى بِالأَمْسِ ، وَسَوْفَ أَصِيدُكَ- إِنْ شَاءَ اللَّهُ – بِبُنْدُقِيَّتِى هَذِهِ .. وَلَكِنَّ الثَّعْلَبَ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى وَسَطِ عَجَلَةِ الْقِيَادَةِ ، وَلَمْ يَرْفَعْهُمَا عَنْهَا ؛ فَانْطَلَقَتِ الصَّفَّارَةُ بِلاَ تَوَقُّفٍ ، فَخَافَ سَيِّدٌ عَلَى صَفَّارَةِ سَيَّارَتِهِ ، وَقَعَدَ ، وَصَوَّبَ بُنْدُقِيَّتَهُ ، وَفَجْأَةً أَطْلَقَ النَّارَ عَلَى الثَّعْلَبِ ؛ فَصَرَخَ الثَّعْلَبُ ، وَقَفَزَ ؛ لِيَهْرُبَ .. وَلَكِنَّهُ لَمْ يَسْتَطِعْ الْهَرَبَ ، فَوْقَعَ فَوْقَ عَجَلَةِ الْقِيَادَةِ .
اقْتَرَبَ مِنْهُ سَيِّدٌ ، وَرَفَعَهُ مِنْ فَوْقِ عَجَلَةِ الْقِيَادَةِ ، وَحَاوَلَ الثَّعْلَبُ أَنْ يَعَضَّ عَلَى يَدِ سَيِّدٍ ، وَلَكِنَّ سَيِّدًا احْتَرَسَ مِنْهُ ، وَوَضَعَه فِى صُنْدُوقِ سَيَّارَتِهِ .
رَجَعَ سَيَّدٌ فِى طَرِيقِهِ إِلَى بَيْتِهِ ، وَكَانَ يُطْلِقُ الصَّفَّارَةَ كَثِيرًا .. وَلَمْ يَكُنِ الثَّعْلَبُ يَطْرَبُ لِصَوْتِهَا ، كَمَا كَانَ يَطْرَبُ لَهَا مِنْ قَبْلُ ، بَلْ كَانَ يَنْزَعِجُ مِنْهَا ؛ فَصَوْتُهَا يُذَكِّرُه بِفَشَلِهِ .. وَكَانَ سَيِّدٌ يَطْرَبُ لَهَا كَثِيرًا ؛ فَصَوْتُهَا يُذَكِّرَه بِنَجَاحِهِ فِى صَيْدِ الثَّعْلَبِ .
مَقايِيسُ الاسْتِيعَابِ :
1-تَخَفَّى الثَّعْلَبُ مِنْ سَيِّدٍ :
ظَهَرَ
اسْتَتَرَ ، وَاخْتَبَأَ
2-أَخْفَقَ سَيِّدٌ فِى صَيْدِهِ :
نَجَحَ ، وَظَفَرَ بِهِ
لَمْ يَنْجَحْ ، وَلَمْ يَظْفَرْ بِهِ
3-سَيِّدٌ يَتَجَوَّلُ فِى الْغَابَةِ
يَقِفُ ، وَلاَ يَمْشِى
يَمْشِى، وَيَدُورُ
4-تَوَغَّلَ سَيِّدٌ فِى الْغَابَةِ :
دَخَلَ فِى بِدَايَتِهَا
دَخَلَ فِيهَا كَثِيرًا
5-يَطْرَبُ الثَّعْلَبُ لِصَوْتِ الصَّفَّارَةِ :
يَرْتَاحُ لَهُ ، وَيفْرَحُ بِهِ
يَنْزَعِجُ مِنْهُ ، وَيَحْزَنُ
6-كَتَمَ سَيِّدٌ ضَحِكَهُ
أَخْفَاهُ
أَظْهَرَهُ
7-الثَّعْلَبُ يَتَلَوَّى مِنَ الأَلَمِ :
يَرْقُصُ فَرِحاً
يَتَثَنَّى أَلَمًا
8-كَانَ الثَّعْلَبُ يُزَمْجِرُ :
يَصِيحُ بِصَوْتٍ رَفَيعٍ
يَصِيحُ بِصَوْتٍ غَلِيظٍ
9-الثَّعْلَبُ الْخَدَّاعُ :
قَلِيلُ الْخِدَاعِ
كَثِيرُ الْخِدَاعِ
10-الثَّعْلَبُ الْمَخْدُوعُ :
الَّذِى خَدَعَ سَيِّدًا
الَّذِى خَدَعَهُ سَيَّدٌ
11-سَارَ سَيِّدٌ فِى طَرِيقٍ :
وَاسِعٍ
ضَيِّقٍ
12-أَطْلَقَ سَيِّدٌ بُنْدُقَيِّتَهُ :
فَرَقَصَ الثَّعْلَبُ
فَتَلَوَّى مِنَ الأَلَمِ
13-زَمْجَرَ الثَّعْلَبُ :
صَوَّتَ ، وَفُهِمَ صَوْتُهُ
صَوَّتَ ، وَلَمْ يُفْهَمْ صَوْتُهُ
14-خَدَعَ سَيِّدٌ الثَّعْلَبَ :
لأَنَّهُ عَادَ فِى طَرِيقِهِ
لأَنَّهُ عَادَ فِى غَيْرِ طَرِيقِهِ
15-خَدَعَ سَيِّدٌ الثَّعْلَبَ :
فَأَرَادَ بِهِ الْخَيْرَ
فَأَرَادَ بِهِ الشَّر