12- القط المفترى

الْقِـطُّ  الْمُفْتَـرِىُّ

    كَانَ  الْجَوُّ حَارًّا ؛ فَلَمْ يَحْتَمِلْهُ الْقِطُّ ، فَتَسَلَّقَ شَجَرَةً ، وَكَانَتِ الشَّجَرَةُ قَدْ نَمَتْ عَلَى ضِفَّةِ التُّرْعَةِ ؛ فَتَسَلَّقَهَا ، وَرَأَى فُرُوعَهَا الْكَثِيرةَ ؛ فَتَسَلَّقَ مِنْ فَرْعٍ إِلَى فَرْعٍ حَتَّى وَصَلَ إِلَى أَعْلَى فَرْعٍ مِنْهَا ؛ فقَعَدَ فَوْقَهُ.. وَأَحَسَّ بِالْهَـوَاءِ الْبَارِدِ ؛ فَنَعَسَ ، وَنَامَ ، وَطَالَ نَوْمُهُ ، ثُمَّ صَحَا مِنْ  نَوْمِهِ ، فَنَظَرَ إِلَى الأَرْضِ ؛ فَرَأَى شَيْئاً ضَخْمًا لَمْ يَرَهُ مِنْ  قَبْلُ ، رَآهُ مُغَطًّى بِرِيشٍ كَثِيرٍ ، وَطَوِيلٍ ، وَالْهَوَاءُ يُحَرِّكُ رِيشَهُ ؛ فيَتَحَرَّكُ .

ظَلَّ الْقِطُّ يَتَأَمَّلُ ذَلِكَ الشَّىْءَ ، وَيَتَعَجَّبُ  مِنْهُ ، وَحَاوَلَ  أَنْ يَعْرِفَ رَأْسَهُ مِنْ جِسْمِهِ ؛ فَلَمْ  يَعْرِفْهُ .. وَلَكِنَّهُ  لَمْ  يَخَفْ مِنْهُ ؛  فَهُوَ سَاكِنٌ لاَ يَتَحَرَّكُ ؛ فَتَشَجَّعَ ، وَأَرَادَ أَنْ  يَنْزِلَ مِنَ الشَّجَرَةِ إِلَى الأَرْضِ .. فَإِذَا  ذَلِكَ  الشَّىْءُ  يَحُولُ بَيْنَهُ ، وَبَيْنَ النُّزُولِ إِلَى الأَرْضِ ؛ فَتَحَيَّرَ ، وَفَكَّرَ فِى الْوُثُوبِ بَعِيداً عَنْهُ ، فَنَظَرَ إِلَى الْجَانِبِ الآخَرِ ؛ فَإِذَا الْمَاءُ يَجْرِى فِى التُّرْعَةِ ؛ فَاقْشَعَرَّ جِسْمُهُ مِنَ الْمَاءِ ، فَهُوَ لاَ يَعْرِفُ السِّبَاحَةَ ، وَلاَ الْعَوْمَ ، وَيَخْشَى الْغَرَقَ ، وَالْمَوْتَ ؛ فَفَزِعَ مِنَ الْمَاءِ ، وَقَفَزَ بِسُرْعَةٍ بَعِيداً عنِ التُّرْعَةِ ؛ فَوَجَدَ نَفْسَهُ قَدْ وَقَعَ فَوْقَ ذَلِكَ الشَّىْءِ  الضَّخْمِ ، وَانْغَمَسَ فِى رِيشِهِ ؛ فَأَحَسَّ بِجِسْمِهِ تَحْتَهُ ، فَوَقَفَ ؛ لِيَرَى شَمْسَ النَّهَارِ ، فَلَمْ يَرَهَا ، فَقَدْ كَانَ الرِّيشُ أَطْوَلَ مِنْهُ .

فَجْأَةً أَحَسَّ الْقِطُّ بِالشَّىْءِ  الضَّخْمِ يَتَحَرَّكُ بِهِ حَرَكَةً سَرِيعَةً ، وَكَأَنَّ زِلْزَالاً قَدْ وَقَعَ .. فَأَدْرَكَ  أَنَّهُ سَيَقَعُ  مِنْ فَوْقِهِ ؛ فَتَدَارَكَ نَفْسَهُ ، وَغَرَزَ مَخَالِبَهُ بِقُوَّةٍ فِى ذَلِكَ الشَّىْءِ ، فَإِذَا  جِسْمُهُ  طَرِىٌّ .. وَلَكِنَّهُ سَمِعَ  صُرَاخاً عَالِيًا ، وَشَعَرَ بِحَرَكَةٍ سَرِيعَةٍ ، وَأَحَسَّ  بِمِنْقَارٍ ضَخْمٍ يَنْقُرُهُ فِى ظَهْرِهِ ؛ فَمَاءَ ، وَقَفَزَ ، وَلَمْ يَعْرِفْ إِلَى أَيْنَ يَقْفِزُ.. وَلَكِنَّهُ وَجَدَ نَفْسَهُ قَدْ هَبَطَ فَوْقَ فَرْعِ الشَّجَرَةِ الْعَالِيَةِ الَّتى كَانَ نَائِمًا فَوْقَهَا ؛ فَتَشَبَّثَ بِهِ لَئِلاَّ يَقَعَ عَلَى الأَرْضِ .

حَمَدَ الْقِطُّ اللَّـهَ عَلى نَجَاتِهِ ، وَتَطَلَّعَ  إِلَى فَوْقِهِ .. فَإِذَا مِنْقَارٌ ضَخْمٌ طَوِيلٌ فَوْقَ رَأْسِهِ ؛ فَفَزِعَ مِنْهُ كَثِيراً ، وَخَافَ ، وَازْدَادَ خَوْفـُهُ مِنْهُ ، وَفَزَعُهُ حِينَ سَمِعَ : أَيُّهَا الْحَيَوَانُ الصَّغِيرُ ،  لِمَاذَا  أَيْقَظْتَنِى مِنْ نَوْمِ الظَّهـِيرَةِ ؟ وَلَمَاذَا آذَيْتَنِى فِى ظَهْرِى ؟

كَـانَ الْقِطُّ قَدْ عَلَّمَتْهُ أُمُّهُ كَيْفَ يَتَصَرَّفُ فِى أَمْرِهِ عِنْدَ خَوْفِهِ مِمَّا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ ، وَأَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً ؛ فَوَقَفَ ، وَانتَفَخَ ، وَرَفَعَ رَأْسَهُ ، وَذَيْلَهُ ، وَحَمَّرَ عَيْنَيْهِ ، وَحَمْلَقَ إِلَيْهِ ، وَكَشَّرَ عَنْ أَنْيَابِهِ ، وَمَاءَ مُوَاءً عَالِيًا ؛ لِيُخَوِّفَهُ مِنْهُ كَمَا يُخَوِّفُ الْكَلْبَ الصَّغِيرَ ؛ فَيَخَافُ مِنْهُ ، وَيَبْتَعِدُ عَنْهُ ، وَلَكِنَّهُ أَحَسَّ بِالْمِنْقَارِ الضَّخْمِ يَنْقُرُهُ فِى رَأْسِهِ مَرَّةً  أُخْرَى ، وَسَمِعَهُ يَقُولُ لَهُ : ألم تعلم أنى أنا النَّعَامَة  أَتُخَوِّفُنِى أَيُّهَا الْحَيَوَانُ الْمُفْتَرِى ؟ هَلاَّ أَجَبْتَ عَنْ سُؤَالِى قَبْلَ أَنْ تُخَوِّفَنِى ؛ تفكر القط وقال مَا الْعَمَلُ ؟ وَكَيْفَ أَنْجُو مِنْهَا ؟ وَتَذَكَّرَ مَا فَعَلَهُ بِالنَّعَامَةِ ؛ فَإِذَا هُوَ قَدْ أَخْطَأَ فى حقها،  وَلَمْ  يَعْتَذِرْ ؛ فَلاَ بُدَّ أَنْ يَعْتَذِرَ طَوْعًا ، أَوْ كَرْهًا .

فَخَفَضَ الْقِطُّ مِنْ  صَوْتِهِ ، وَقَالَ : أَيَّتُهَا النَّعَامَةُ الْكَبِيرَةُ ، أَنَا آسِفٌ ؛ فَابْتَسَمَتِ النَّعَامَةُ ، وَرَفَعَتْ مِنْ فَوْقِ الْقِطِّ مِنْقَارَهَا فَقَالَتْ : أَيُّهَا الْقِطُّ الْمُفْتَرِىُّ الْمِسْكِينُ ، أَنَا قَبِلْتُ مَعْذِرَتَكَ ، وَعَفَوْتُ عَنْكَ ؛ لأَنَّكَ  قَدْ  عَرَفْتَ  مَا  يَجِبُ عَلَيْكَ .

ذَهَبَ الْخَوْفُ عَنِ الْقِطِّ ، وَوَقَفَ عَلَى أَرْجُلِهِ ، وَاسْتَأْذَنَ النَّعَامَةَ فِى الانْصِرَافِ عَنْهَا ؛ فَأَذِنَتْ لَهُ بِالانْصِرَافِ ؛ فَانصَرَفَ ، وَلَمْ  يَجْرِ فِى الطَّرِيقِ .. وَلَكِنَّهُ كَانَ  يَتَلَفَّتُ بِوَجْهِهِ وَرَاءَهُ كَثِيراً ، وَلَمَّا ابْتَعَدَ عَنْهَا جَرَى ، وَأَسْرَعَ فِى جَرْيِهِ ، وَتَسَلَّقَ شَجَرَةً عَالِيَةً ، وَكَانَ يَسْمَعُ النَّعَامَةَ تَضْحَكُ .

 

مَقَايِيسُ الاسْتِيعَابِ :

1- ضِفَّةُ التُّرْعَةِ :

     وَسَطُهَا

     جَانِبُهَا

2- نَعَسَ الْقِطُّ :

     نَامَ نَوْمًا خَفِيفاً

     نَامَ نَوْمًا عَمِيقاً

3- اقْشَعَرَّ جِلْدُ الْقِطِّ :

    سَكَنَ ، وَثَبُتَ

    تَحَرَّكَ ، وَاهْتَزَّ

4- أَدْرَكَ الْقِطُّ …

    فَهِمَ

    لَمْ يَفْهَمْ

5- غَرَزَ مَخَالِبَهُ  فِى جِسْمِهَا :

     لَمَسَ جِسْمَهَا

     أَدْخَلَ مَخَالِبَهُ  فِى جِسْمِهَا

6- تَشَبَّثَ بِفَرْعِ الشَّجَرَةِ :

     قَفَزَ مِنْهُ

     أَمْسَكَ بِهِ بِقُوَّةٍ

7- كَشَّرَ الْقِطُّ عَنْ أَنْيَابِهِ :

     خَبَّأَهَا

     كَشَفَ عَنْهَا ؛ لِيُخِيفَ غَيْرَهُ

8- خَمَشَ الْقِطُّ  وَجْهَ النَّعَامَةِ :

     قَبَّلَهُ

    جَرَحَهُ

9- خَرْبَشَ وَجْهَ النَّعَامَةِ :

     جَمَّلَهُ ، وَحَسَّنَهُ

      أَفْسَدَهُ ، وَشَوَّهَهُ

10-الْقِطُّ الْمُفْتَرِىُّ :

      الْمَظْلُومُ

      الَّذِى يَلْبَسُ الْفَرْوَ

11-سَدَّتِ النَّعَامَةُ الأُفُقَ :

      فَكَانَ الْقِطُّ يَرَى السَّمَاءَ

      فَلَمْ  يَرَ الْقِطُّ السَّمَاءَ

12-تَسَامَحَتِ النَّعَامَةُ:

      تَشَدَّدَتْ

      تَسَاهَلَتْ

13-كَشَّرَ الْقِطُّ عَنْ أَنْيَابِهِ :

      لأَنَّهُ كَانَ خَائِفًا

      لأَنَّهُ كَانَ آمِنًا

14-نَعَسَ الْقِطُّ :

      فَوْقَ أَعْلَى فَرْعٍ

      فَوْقَ أَسْفَلِ فَرْعٍ

15-النُّعَاسُ :

      أَوَّلُ النَّوْمِ

     وَسَطُ النَّوْمِ

16-فَكَّرَ الْقِطُّ أَنْ يُخَرْبِشَهَا :

     لِيَلْعَبَ مَعَهَا

     لِيُخِيفَهَا

17-خَوَّفَ الْقِطُّ النَّعَامَةَ :

      فَخَافَتْ مِنْهُ

      فَلَمْ تَخَفْ مِنْهُ